للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التقليد في التأليف صور عديدة فقد نرى التقليد في تسمية الكتاب، أو في أسلوب التأليف، وقد يبدو التقليد واضحا حين يكون في الموضوع باعتماد المؤلف على كتاب أو عدد قليل من الكتب السابقة اعتمادا ظاهرا في مؤلفه الجديد دون إشارة إليها أو بإشارات قليلة بحيث يدرك الباحث مدى اعتماد المؤلف اللاحق على السابق.

[٣ - ظاهرة المتون والشروح:]

كانت هذه الظاهرة نتيجة للحركة التثقيفية النشطة بالبلاد، فقد اتجه الشيوخ تيسيرا على طلابهم إلى وضع المتون التي تجمع مسائل الموضوعات في قليل من اللفظ حتى يتسنى لطالب العلم أن يستوعبها بأيسر طريق وفي زمن قليل، وقد غلا بعضهم في الايجاز وفي ضغط العبارة في هذه المتون حتى بلغت حد الرموز فاستغلق بذلك فهمها على الطلاب واحتاجت إلى شروح، فوضعت لها كتب شارحة ثم وضعت كتب أخرى أكثر تفصيلا تشرح الكتب الشارحة، ومن ثم تعددت الشروح التي تتناول المتن الواحد ما بين شرح مطول وآخر يميل إلى الايجاز كما نظمت كثير من العلوم في منظومات تعليمية احتاجت أيضا إلى وضع الشروح لها.

وقد استفرغت المتون والشروح والمنظومات التعليمية جلّ مجهود قرائح العلماء في ذلك العصر، بل أصبح وضع هذه الأنواع يبدو في كثير من الأحيان تمرينات عقلية يريد بها الشيوخ إثبات مقدرتهم على التأليف ولكي يزداد عدد ما أنتجوا من كتب.

وهكذا فقد امتلأ العصر بالمتون والشروح نثرا ونظما، فللمؤلف الواحد متن وشرح وهو بدوره يتناول متون السابقين ومنظوماتهم بالشرح والبيان، ولعل أشهر المنظومات التي لقيت عناية الشارحين في ذلك العصر هي ألفية ابن مالك في النحو.

ثم نرى إلى جانب ذلك الحواشي والتعليقات التي يتكفل بها كثير من العلماء على الشروح السابقة أو يضعها واضعوها الأصليون، وسنرى جميع هذه الصور

<<  <   >  >>