للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصنعة والتقيد بالشكل في صوره المتعددة التي حرص عليها الشعراء، وفي الثاني نجد الميل إلى البساطة والتحلل من قيود الصنعة اللفظية إلا ما كان منها بغير تكلف.

وهناك مذهبان في التعبير أولهما المذهب البديعي المتأثر بمذهب الكتاب، وقد كان للقاضي الفاضل أثر في إضفاء ألوان جديدة عليه حرص عليها الشعراء والكتاب من بعده بيد أنهم أسرفوا في حرصهم على المحسنات اللفظية، ولقيت العناية اللفظية بجميع ألوانها الاهتمام الأول لديهم على حساب المعاني «١»، وكان الشعراء يعمدون إلى المذهب البديعي في شعر المناسبات أو في قصائد المديح النبوي التقليدية.

أما المذهب الآخر وهو مذهب المعاني فيظهر بوضوح في الشعر الشعبي ويتمثل في احتفال بالأفكار وعناية تامة بتصوير العواطف والمشاعر التي ينفعل بها الناس انفعالا صادقا بريئا من التكلف. «٢»

وهناك بعض ظواهر يمكن ملاحظتها على الشعر والشعراء في ذلك العصر أولها قصائد المديح النبوي العديدة التي أنشأها شعراء العصر المملوكي معارضين بها بردة البوصيري فقل أن نجد شاعرا منهم لم يعارضها، بالاضافة إلى القصائد التي أنشئت في المديح النبوي في غير معارضة للبردة، والملاحظة الثانية هي أن كثيرا من علماء العصر وفقهائه كانوا ينظمون الشعر في أغراض كثيرة وأشهر هؤلاء ابن حجر ثم السيوطي، وثالثها شيوع الشعر التعليمي في دوائر العلماء والطلاب وسنشير إليه عند الحديث عن شعر السيوطي. وقد شهدت الفترة التي عاشها السيوطي عددا كبيرا من الشعراء وقد ذكر ابن اياس أنه كان بالقاهرة سبعة من الشعراء اجتمعوا في عصر واحد وكل منهم لقب بشهاب الدين، فكان يقال لهم السبعة الشهب وهم الشهاب ابن حجر وابن الشاب التائب، وابن أبي السعود، وابن مبارك شاه الدمشقي، وابن صالح، والشهاب


(١) أفاض الرافعي في دراسة الصناعات اللفظية في هذا العصر في الجزء الثالث من تاريخ آداب العرب ص ٣٧٠ - ٤٦٦.
(٢) د. عبد اللطيف حمزة: الأدب المصري ص ١٠٨.

<<  <   >  >>