للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢ - مفردات الطبيعة والأحياء]

[- الطبيعة في القرآن:]

كانت الطبيعة وما زالت منهلا للفن على اختلاف النظريات، ولم تكن عدوّا- إلا فيما ندر- للفنانين أمثال بيكاسو والمدرسية السريالية، وبما أنها وعاء للوجود البشري، فلا غرابة في أن تكون الجمال الأول الذي يأخذ بقلب الإنسان، ويأسر عواطفه، وذلك بمستوى تذوّقه، وسموّ روحه، وفي هذا يقول برتيليمي: «إذا نحن بحثنا في إيجاد قاعدة للجمال عن طريق أكبر عدد من الإجابات الصحيحة عن السؤال: هل هذا الشيء جميل؟ لوجدنا أن غالبيّتها تتجه- أولا- نحو جسم الإنسان، وبوجه خاص جسم المرأة، نحو زينتها من ملابس وحلي، ثم نحو المساكن، مواقع الطبيعة» «١».

والمقصود بالطبيعة هنا كل ما لم تتدخل به يد بشر، بل هو من صنع البارئ عز وجل وهذا يشتمل على طبيعة جامدة كالجبال والأنهار والنبات:

وطبيعة متحركة كالأنعام والجراد والخيول وغيرها.

وبين الطبيعة والإنسان في القرآن علاقة فيها الوئام والانسجام، ويتجلّى هذا في وصف النجوم والأشجار والأنهار والليل والنّهار، فهي مخلوقات مسخّرة لأجل سعادته، ولأجل تحقيق سيادته، فهو يستغلّها عمليّا في شئون حياته، كركوب البحر، والتمتع بفواكهها، والاستعانة بالأنعام، وأكل لحومها، وكذلك في لحظات التأمل الجمالي، فبعد تحقيق الضروريات، هنالك وقفة كماليّة، ويمكن أن نستنتج هذا من قوله تبارك وتعالى عن الجمال: وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ «٢»، وقوله: وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ، لِتَرْكَبُوها، وَزِينَةً، وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ «٣».

فالأنعام وسيلة للركوب وقضاء الحاجات، ثمّ هي منبع جمال داع إلى


(١) برتيليمي، جان، بحث في علم الجمال، ترجمة: د. أنور عبد العزيز، ص/ ٧.
(٢) سورة النّحل، الآية: ٦.
(٣) سورة النّحل، الآية: ٨.

<<  <   >  >>