للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٣ - مفهوم خفة المفردات]

كان لبعض القدامى اهتمامات كبيرة بأصوات مفردات القرآن، وقد أكّدوا جمال الشكل السمعي وجمال المضمون، وعدم التنافر بينهما، فلا نجد لدى سماع المفردة القرآنية نبوّا ولا نفورا، ومع هذا فليس هناك بديل عنها في موافقة المعنى.

وتتناول هذه الفقرة بعض ما ورد في كتب الإعجاز البياني- فيما يخص أصوات المفردات- وغايتنا توضيح مصطلح الرّقة والخفّة والعذوبة والجزالة، وما شاكل هذا مما جاء مجملا أو مفصّلا، وسنفسر وجهة نظر القدامى والمحدثين في مفهوم الخفة.

[الذوق الفطري عند ابن الأثير:]

لعلّ ما يلحظ هنا تلك القفزة الزمنية إلى القرن السابع الهجري، والممثّل بضياء الدين بن الأثير، وما يتبع هذا من تجاوز لجهود أعلام القرون السابقة، والحق أنهم اهتموا بهذه الجمالية اهتماما طفيفا، جاء في أسلوب مجمل.

لقد استفاد ابن الأثير من ابن سنان الذي سبقه بقرنين من الزمن، والذي يهمنا أن ابن الأثير خصّص الكثير للمفردة القرآنية، يقول ابن سنان عن أحد شروط جمال المفردة: «أن تجد لتأليف اللفظة في السمع حسنا ومزيّة على غيرها، وإن تساويا في التأليف من الحروف المتباعدة ... وليس يخفى على أحد من السامعين أن تسمية الغصن غصنا أو فننا أحسن من تسميته عسلوجا، وأن أغصان البان أحسن من عساليج الشّوحط» «١».

ويعيب على المتنبي ذكره كلمة خشنة، فقد ذكر الجرشّى بدلا من النّفس:

مبارك الاسم أغرّ اللقب ... كريم الجرشّى شريف النّسب

«٢»


(١) ابن سنان، سرّ الفصاحة، ص/ ٦٧، الشّوحط شجر يتّخذ منه القسي.
(٢) المصدر نفسه، ص/ ٦٩، وانظر، المتنبي، الديوان، شرح ناصيف اليازجي ص/ ٤٦٦.

<<  <   >  >>