للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البر والتقوى وتخفيف آلام البشر، وإذا لم توجد وسيلة أخرى للعلاج تمنع هلاك الإنسان، وقرر أهل الخبرة من الأطباء العدول أن هذه الوسيلة تحقق النفع المؤكد للآخذ، ولا تؤدي إلى ضرر بالمأخوذ منه، ولا تؤثر على صحته وحياته وعمله في الحال أو المآل.

وهذا حينئذ يكون من باب إحياء النفس الوارد في قوله تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (١) ويكون من باب التضحية والإيثار أيضًا الذي أمر الله تعالى بهما وحث عليهما في قوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (٢)، وكما يجوز أخذ عضو من الحي إلى الحي لإنقاذه من هلاك محقق حالاً أو مستقبلاً، فإنه يجوز أيضًا الأخذ من الميت إلى الحي لإنقاذه من هلاك محقق أو لتحقيق مصلحة ضرورية له؛ لأن الإنسان الميت وإن كان مثل الحي تمامًا في التكريم وعدم الاعتداء عليه بأي حال لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (٣)، ولحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (كسر عظم الميت ككسره حيًا) رواه ابن ماجه، فإن هذا التكريم لا يؤثر فيه ما يؤخذ منه بعد موته من أجزاء تقوم عليها حياة إنسان آخر أو رد بصره بعده؛ لأن مصلحة الحي مقدمة على مصلحة الميت" (٤).


(١) سورة المائدة، الآية ٣٢.
(٢) سورة الحشر، الآية ٩.
(٣) سورة الإسراء، الآية ٧٠.
(٤) كتاب فتاوى عصرية، ج٢ ص٣١٠ - ٣١١.

<<  <   >  >>