للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحد العباد يفعل الفاحشة ومع امرأة متزوجة، فلما أردنا أن نمسك به جرى، فأخرج منديلاً من جيبه وفرشه على الماء ومشى عليه بعيدًا، قال: هذا رجل فاسق، قالوا: أفهمنا ما هذا؟ قال: إن الكريم إذا وهب ما سلب، ربنا عرفه كيف يمشي على الماء، فلا يسلبها منه لأنه عصى وزنا، وأصبح فاسقًا، إذًا فالفاسق يصدر منه الخارقة، والكافر يصدر منه الخارقة أشد من الفاسق، فهذه الخوارق لا تساوي عند الله شيئًا، طريق الله ليس هذا، وإنما طريق الله الذكر والتربية والخلوة، ولذلك قال أهل الله: لو رأيت الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء فاعرض أمره على الشرع، فإن وافقه فهو على جادة الطريق، ولكن ليس لأنه طار أو مشى، ولكن لأنه وافق الشرع، وإن خالفه فهو شيطان، شيطان طيره معه في الهواء، فيجب عليك أن تؤمن بالغيب في الشهود.

فسيدنا عمر قال له: أسلم فأنت رجل صالح، لو أسلمت ستكون في مرتبة عالية، ولذلك فإن ربنا وهو يتكلم عن هؤلاء في القرآن يقول: (ومن أهل الكتاب) وهذا إنصاف، ولم يقل كلهم، بل قال: ومنهم، وهذا منهم، هذا يدل على أن القرآن من عند الله؛ لأنه منصف إنصافًا لا يرد على خاطر البشر، فقال له اليهودي: أعطني ثلاثة أيام أفكر، ثلاثة أيام ثم جاء وقال له: أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، قال له: ماذا حدث؟ قال له: عرضت الإسلام على نفسي فأبت إباء شديدًا، فأسلمت، إذًا صدقُ التربيةِ نجاه، وهذه هي الرياضة، هذا هو الصدق مع النفس، وكان سبب إسلامه أنه عرف المفتاح، فلما جاءت في هذه القضية كان منصفًا، فقد سأل

<<  <   >  >>