للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{مُحْكَمَاتٌ} أي: مُتْقَنَات في الدلالة والحكم والخَبَرِ، فأخْبَارُهَا وأحكامها مُتْقَنَةٌ معلومة ليس فيها إشكال.

وقوله: {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} يعني أن أحكامها غير معلومة، وأخْبَارُهَا غير معلومة، فصار المُحْكَم هو المُتْقَن في الدلالة سَوَاءٌ كَانَ خَبَرًا أو حُكْمًا، والمُتَشَابِهُ هو الذي دلالته غير وَاضِحَة سَوَاء كَانَ خَبَرًا أو حُكْمًا.

ولهذا نجد أن بعض الآيات لا تَدُلّ دلالة صريحة على الحكم الذي اسْتُدِلَّ بها عليه، وبعض الآيات الخَبَرِيَّة أيضًا لا تدل دلالة صريحة على الخبر الذي استدل بها عليه.

{وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} أي ومنه أُخَرُ متشابهات، والاشْتِبَاهُ قَدْ يَكُونُ اشْتِبَاهًا في المعنى، بحيث يكون المعنى غير واضح، أو اشتباهًا في التَّعَارُضِ، بِحَيْثُ يظن الظانّ أن القرآن يُعَارِضُ بعضُهُ بعضًا، وهذا لا يمكن أن يَكُون.

{زَيْغٌ} أي: في قلوبهم مَيْلٌ عن الحَقِّ، فهم لا يُرِيدُونَ الحَقَّ، وإنما يَتَّبِعون المتشابه.

{ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ} أي: صَدّ الناس عن دين الله؛ لأن الفِتْنَةَ بمعنى الصَّدِّ عن دين الله.

{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ} أكثر السّلَفِ وقَفَ عَلَيْهَا، وابتدأ بالرَّاسِخِين فالواو للاستئناف، والمعنى أن هذا المُتَشَابِهَ لا يَعْلَمُ تَأويلَه إلا الله، والراسَّخون يقولون آمنا به، وَوَصَلَ بعض السلف فَتَكون الواو عاطفة، والمعنى أن تأويله -أي تفسير المتشابه- يَعْلُمُه الله والراسخون، أما إذا جعلنا التأويلَ بمعنى العَاقِبَةُ والحَقِيقَةُ التي يؤول إليها الكلام فيجب الوَقْفُ؛ لأنَّ حَقَائِقَ الأشياء لا يعلمها إلا الله.

{الألْبَابِ} العُقُولُ، واللّب: العقل.