للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم الحلف بالطلاق]

لو قال قائل: علي الطلاق، فهل هذا قسم أم لا؟

الجواب

كأنه قال: يلزمني الطلاق، فهذه صورة نذر، وأنزلوها منزلة اليمين؛ لأنه أتى بنتيجة اليمين، وذلك أن المقصود الأسمى من اليمين هو: الحض على الفعل أو الامتناع عنه، فلو قلت: والله لتأت، أو والله لأفعلن، أو والله لا أفعل، فالمفاد والمقصود الأعظم من اليمين هو: الحض على الفعل أو المنع، فلو فعل ما أقسمت على المنع منه فعليك أن تكفر عن يمينك، وإن كان قصده من قوله: يلزمني الطلاق، إن ذهبت لأمك مثلاً، أن يمنعها من أن تذهب إلى أمها، فإن كان المقصود الأسمى عنده هو المنع أو التهديد فينزل منزلة اليمين في هذه الصورة.

أما إذا كان مقصوده: تهديدها لمنعها عن الذهاب، فالقسم إذاً يفيد ما أفاده النذر، كيف ذلك؟ مثلاً: لو قال لها: والله لن تذهبي إلى أمك، ولو ذهبت فأنت طالق، فنقول له: ما نيتك؟ إذا قال: نيتي في ذلك أن أمنعها أو أحضها على عدم الذهاب لا غير، فنقول: مقصودك إذاً اليمين، فحكمه حكم اليمين، وقلنا: إن التهديد مفاده أو نتيجته من اليمين لما في الآية، وهي قول الله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم:٢] وهذه الآية متعلقة بقصة زينب لما كان يأكل عندها العسل أو المغافير، فقالت: عائشة: أكلت مغافير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا آكل، أو قال: حرام علي، أو قال: يلزمني أن لا آكل، هذا يعتبر ماذا؟ يعتبر نذراً، وسماه الله في الآيات يميناً بالنية، أي: أن نية النبي صلى الله عليه وسلم الحض على عدم الأكل لا تحريمه حقيقة، فنزل هذا منزلة اليمين، قال الله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم:٢] فنزله منزلة اليمين.

فالحاصل: أن قوله (علي الطلاق)، الأصل فيها النذر، وتنزل منزلة اليمين بالنية، أي: بنية الحالف بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>