للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النهي عن التشبه بالكفار]

ولقد منع أيضاً من التشبه بالأمم التي اتخذت القبور مساجد، وعبدت الأولياء من دون الله جل في علاه، وهم اليهود والنصارى، ولذلك كثيراً ما كان يخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قال قائلهم: ما بال هذا الرجل لا يرانا على شيء إلا خالفنا فيه.

وقد كانت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم واضحة جداً في أنه كان يتعمد ويقصد مخالفة اليهود والنصارى، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول (أسبغوا، فإن اليهود لا تسبغ) ويقول: (أسبغوا وخالفوا اليهود والنصارى).

ويقول: (أوفوا اللحى، أو وفروا اللحى، وحفوا الشارب، وخالفوا اليهود والنصارى).

وكان أيضاً يقول: (تسرولوا واتزروا، فإن اليهود تتزر ولا تتسرول).

وهذا كله مخالفة لليهود والنصارى، وقال منكراً على الأمم المتأخرة التي تتشبه باليهود والنصارى، وتحذوا حذوهم: (والذي نفسي بيده لتتبعن سنن الذين من قبلكم حذو القذة بالقذة)، وفي رواية قال: (شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضباً لدخلتموه).

وهذا إنكار منه عليهم هذا السير على نهج السابقين.

وأيضاً لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين على أقوام ينيطون أسيافهم على أشجار، -أي: يعلقونها بها ويتبركون بذلك- فقالوا: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم قاطعاً لدابر التشبه بهؤلاء: (الله أكبر! إنها السنن، قلتم مثل ما قال بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة).

وذلك حسماً لهذه المادة، ومنعاً للتشبه بهؤلاء، الذين كان فيهم أول الكفر والشرك أنهم عظموا أولياءهم وصالحيهم، وبنو على قبورهم المساجد، وجعلوا عليها السرج، وجعلوا الورود والزهور على هذه القبور، فعبدوهم من دون الله جل وعلا بعدما انطمس العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>