للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان العلة في تقديم (إياك نعبد) على (إياك نستعين)]

السؤال

لماذا قدم الله جل في علاه إياك نعبد على إياك نستعين؟ الجواب من عدة وجوه: الوجه الأول: أن (إياك نعبد) حق الله، و (إياك نستعين) حق العبد، فإذا تعارض حق الله وحق العبد قدم حق الله لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أرأيت إن كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم.

فقال: فدين الله أحق أن يقضى).

الوجه الثاني: (إياك نعبد) من باب فعل العبد للرب، و (إياك نستعين) من باب فعل الرب للعبد، فكان أحق أننا نقدمه؛ لأن فيه التأليه لله جل في علاه، والله ما خلق الخلق إلا لهذه العبادة الجسيمة.

الوجه الثالث: أن العبادة فيها الثناء على الله، وأما الاستعانة ففيها حض العبد، أي: طلب حض للعبد، فـ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة:٥] فيها الثناء على الله، فيقدم على: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} التي فيها حض العبد.

الوجه الرابع: أن العبادة لا تكون إلا من المخلصين فقط، والاستعانة تكون من المخلصين وغير المخلصين، وذلك أن هناك من الأغبياء الذين لا يخلصون لله جل في علاه يستعينون بالله -وهذا سفه عظيم- على معصية الله.

فمثلاً: يحصل من رجل يقول لإخوانه في السرقة: سنضرب ضربة لو أعاننا الله على هذه الضربة لتبنا بعدها، أو أن رجلاً يريد أن يزني بإمرأة فيقول: يعيننا الله جل وعلا على هذا الشقاء الذي نحن فيه.

فممكن أن يكفر بذلك لو استهزأ، لكن هذا من الغباء والسفه بمكان، فهذه الاستعانة تكون من المخلص وغير المخلص، أما العبادة فلا تكون إلا من المخلصين، لذلك قدم الله (إياك نعبد) على (إياك نستعين).

<<  <  ج: ص:  >  >>