للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أنواع الذبح لله سبحانه]

إنَّ أنواع الذبح كثيرة: أولاً: إراقة الدماء للواجبات، وهذه وإن كانت من أجل العبادات فلا بد أن يعرف المرء تقسيم هذه العبادات، ليتقرب بها إلى الله جل في علاه.

ومنها: إراقة الدماء في التمتع، والتمتع هذا يكون في الحج، وهو: أن يعتمر المرء ثم يتحلل ثم يهل بالحج، والمتمتع عليه أن يقرب الدماء لله جل في علاه؛ وذلك كما قرب النبي صلى الله عليه وسلم مائة بدنة في التمتع، قال الله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:١٩٦]، وهذا الهدي يدخل أيضاً في قول الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:٢]، فالنحر من إراقة الدماء التي يتقرب بها المرء إلى الله جل في علاه.

أيضاً: من أنواع التقرب إلى الله جل في علاه بإراقة الدماء: الأضاحي، والأضاحي فيها معترك شديد بين العلماء، هل هي سنة أم واجب؟ والراجح والصحيح: أنها سنة مؤكدة؛ لأنه قد ورد حديث عند البيهقي بسند صحيح: أن أبا بكر ما كان يضحي وأن عمر ما كان يضحي وغير هؤلاء ما كانوا يضحون، والصحابة متوافرون ليبينوا للناس أنها ليست من الوجوب بمكان، بل هي من السنة، فهي سنة مؤكدة، فالأضاحي من إراقة الدماء التي يتقرب بها العبد إلى الله جل في علاه، توحيداً لله.

أيضاً من ذلك: الكفارات، ففي الكفارات إراقة الدماء تقرباً إلى لله جل في علاه، وذلك إذا وقع المرء في محظور من محظورات الإحرام فعليه كفارة، كما قال ابن عباس وغيره، والآية ظاهرة في ذلك، قول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة:٩٥]، وأيضاً قول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:١٩٦]، وهذا والنسك يبين لنا أن الذبح أيضاً يدخل في ذلك.

من هذا أيضاً: التقرب إلى الله جل وعلا بالذبح في العقيقة، والعقيقة مختلف في وجوبها وسنيتها، والعقيقة: إراقة الدماء تقرباً إلى الله جل في علاه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المولود مرهون بعقيقته)، أي: لابد أن يراق له الدم، تقرباً إلى لله جل في علاه، وهذا من الذبح المأمور به، والعلماء قد اختلفوا فيه إلى ثلاثة أقوال: فمن العلماء من قال: واجب، ومنهم من قال: سنة، وقول وسط: واجبة على ولي المولود فقط، أي: المولود لو كبر سنه ولم يعق عنه فلا يأثم، وإن أراد أن يعق عن نفسه فهذا له، والغرض المقصود أنه واجب على ولي المولود، فالعقيقة من إراقة الدماء التي يتقرب بها المرء إلى الله جل في علاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>