للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم الحديث المقلوب]

إن كان القلب بقصد الإغراب للشهرة والظهور فهذا باتفاق العلماء أنه يحرم؛ لأنه من باب الغش، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا)، وأيضاً هو من باب التدليس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)، وقد قال الله تعالى: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} [آل عمران:١٨٨].

وإن كان يقصد بالقلب الاختبار كقصة البخاري، فهذه جائزة ومطلوبة بشرط أن يبين الأسانيد والمتون الصحيحة في نفس المجلس، حتى لا يهم أحد فيأخذ هذا الحديث فيحسبه حديثاً صحيحاً فيرويه للناس.

وإن وقع القلب في الحديث بسهو دون عمد ودون قصد، فالحديث يكون ضعيفاً؛ لأنه لم يرو على نفس الصورة التي رواها النبي صلى الله عليه وسلم.

أما حكم الراوي فله حالتان: الحالة الأولى: أن يقل عنه الخطأ، فيوصف بالوهم، وكثيراً ما يقول ابن معين وغيره: ثقة ولكنه يهم.

الحالة الثانية: أن يكثر عنه هذا الزلل وهذا الخطأ وهذا القلب، فهنا يضعف؛ ولذلك الذهبي كثيراً ما يقول في الراوي: خالف كثيراً فترك، أو يقول: وهم كثيراً، أو كثر وهمه وكثر خطؤه فترك.

فمن ظهر القلب في أحاديثه فهذا يترك ولا يحتج بحديثه.

<<  <  ج: ص:  >  >>