للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبتدئة]

المبتدئة: هي التي لم يأتها الدم قبل ذلك، كأن تكون جارية عمرها تسع سنوات فنزل منها الدم، فتسمى: امرأة مبتدئة، أي: في أول حيضها، وأحوال المبتدئة بالنسبة لاستمرار الدم وانقطاعه ثلاثة أحوال: فإما أن يستمر الدم معها إلى أكثر أيام الحيض، وإما أن يستمر معها الدم أقل من أكثر أيام الحيض، وإما ألا يستمر معها.

وقد اختلف العلماء في تعيين أكثر أيام الحيض على قولين، والصحيح: أن أكثر أيام الحيض خمسة عشر يوماً، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (تمكث الليالي لا تصلي ولا تصوم)، ولم يقل: أكثر الشهر أو نصفه، وإنما قال: (ليالي)، ففيه دلالة على التقليل.

وهناك دليل من النظر: وهو أن الله جل وعلا لم يخلق المرأة إلا لتتعبد له، كما قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:٥٦]، فلا يعقل أن الله خلقها للعبادة، ثم تمكث أكثر دهرها لا نتعبد لله جل في علاه.

وثمرة معرفة أكثر أيام الحيض هي: أن الدم لو زاد عن خمسة عشر يوماً فلابد أن تقف وتنظر في نفسها كما سنبين؛ لأنها ستعتقد أن هذا الدم ليس بدم حيض، بل هو دم فساد أو علة أو استحاضة.

فالحاصل: أن للمرأة المبتدئة ثلاثة أحوال: الحالة الأولى: أنها إذا رأت الدم خمسة أيام إلى ثلاثة عشر أو أربعة عشر يوماً، فإن هذا الدم يسمى: دم حيض، ما دام أنه لم يعبر أكثر أيام الحيض، فعليها ألا تصلي أو تصوم، ويجب عليها إذا طهرت أن تقضي الصوم دون الصلاة، وهذا الحكم مستمر معها إذا نزل الدم منها بهذه الصورة دائماً، وسيأتي معنا الحديث عن علامات الطهر للمرأة الحائض.

الحالة الثانية: أن يستمر الدم معها إلى أن يعبر أكثر مدة الحيض -أي: خمسة عشر يوماً- فعندها إن استطاعت أن تميز بين دم الحيض والاستحاضة، بأن رأت دم الحيض أسود منتناً ودم الاستحاضة غير ذلك، فالمعتبر في هذه الحالة هو: التمييز، فإذا نزل منها الدم عشرين يوماً مثلاً، وكانت مدة حيضها خمسة أيام وقدرت على التمييز، فإنها تتحيض خمسة أيام فقط وتعتبر الباقي استحاضة، فتقضي الصلاة خمسة عشر يوماً، وتقضي الصوم عشرين يوماً باعتبار زمن الحيض والاستحاضة معاً، ولابد في زمن الاستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة، وأن تطهر المحل وأن تتحفظ، وأما في حالة الحيض فإنها تكتفي بالغسل إذا طهرت وقضاء الصوم فقط، والله أعلم.

فإن كانت غير مميزة، أي: لا تعرف التمييز، فإنها ترجع في هذه الحالة إلى عادة غالب النساء من أهلها، أو غيرهن إذا كانت بعيدةً من أهلها، فستجد أن الغالبية منهن يتحيضن ستة أو سبعة أيام، وعندها تتحيض سبعة أيام على الغالب، وما بقي فهو استحاضة، فتتوضأ لكل صلاة وتتحفظ كما سبق بيانه، والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة المستحاضة: (تحيضي في علم الله ستة أيام أو سبعة أيام)، فدل على أن هذه المدة هي الغالبة في النساء.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (ستة أيام أو سبعة أيام)، فالصحيح أنه على التخيير، لكن الأحوط لها: تتحيض سبعة أيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>