للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإراداة الإلهية وأقسام الموجودات]

الموجودات في الكون أقسام:- الأول: مراد كوناً وشرعاً.

والثاني: غير مراد كوناً ولا شرعاً.

والثالث: مراد كوناً لا شرعاً.

والرابع: مراد شرعاً لا كوناً.

أما المراد كوناً وشرعاً فإيمان المؤمن، فإن إيمان المؤمن مراد لله شرعاً، لأن الله يحبه، وذلك كإيمان أبي بكر فلما أحبه الله كان مراداً شرعياً، وهو أيضاً مراد كوني من حيث أنه يقع لا محالة فالله قد كتبه في اللوح المحفوظ مؤمناً وأودع في قلبه حب الإيمان، وأراده شرعاً بأن بعث الرسول محمداً ليهدي أبا بكر، فيكون سيد المؤمنين.

أما الذي لا يراد شرعاً ولا كوناً فكفر المؤمن، فإنه غير مراد لأنه لم ولن يقع لا كوناً ولا شرعاً؛ لأن الله لا يحب كفر المؤمن ولا يحب كفر أهل الأرض، قال الله تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر:٧]، وقال: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَِ} [الزمر:٧]، أي: لا يحب لهم الكفر، ولذلك فإن الله أرسل الرسل ليهدوا الناس، ولكن منهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة، قال الله عنهم: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [البقرة:٦].

وأما المراد كوناً لا شرعاً فهو كفر الكافر؛ لأن الله يبغض الكفر، لكنه أراده كوناً وذلك لحكمة علمها الله، فقد علم الله أن الكافر لا يريد الإيمان، ولا يمكن أن يريده، وأجلى ما يكون مثالاً لهذا الأمر قول الله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فصلت:١٧]، فكانت عاقبتهم الكفر والعياذ بالله.

وأما ما هو مراد شرعاً لا كوناً فهو إيمان الكافر، فهو غير مراد كوناً، لكنه مراد شرعاً؛ لأن الله أرسل الرسل لإيمان البشر، فإيمان أبي جهل مراد شرعاً؛ لأن الإيمان يحبه الله، وإن رسول الله ذهب إليه، وذهب إلى أبي طالب وقال: (يا عم قل كلمة أحاج بها لك عند الله، قل لا إله إلا الله)، لكن أراد الله كفرهما كوناً فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>