للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التحذير من البدع]

لقد حذر الله من البدع أيما تحذير، وبين لنا أنها من عمل المغضوب عليهم والضالين فقال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد:٢٧] فهم ما أرادوا إلا رضوان الله، والتعبد لله، والاجتهاد في عبادة الله، ومع ذلك ذمهم الله أيما ذم، فقال: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد:٢٧] ذماً لهم.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله من آوى محدثاً) يحذر من البدع، فأين وجه الذم في هذا الحديث؟

الجواب

وجه الذم أن المبتدع محدث في الدين، فاستحق اللعنة من آواه أو رضي ببدعته، ويؤخذ من هذا الحديث أنه يجب على كل صاحب سنة أن يظهر المبتدع بين الناس ويحذر من بدعته، وانظر كيف استحق اللعن لأنه أوى المحدث، فكيف بالذي أحدث البدعة! وأيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في السنن بسند صحيح وهو الصاعقة على كل مبتدع -قال: (حجب الله التوبة، أو قال: أبى الله أن يتوب على كل مبتدع) فحجب الله التوبة على المبتدع لأنه أخو الشيطان، ويقول الثوري أمير المؤمنين في الحديث: البدعة أحب إلى الشيطان من المعصية؛ لأن المعصية يتوب منها صاحبها، أما البدعة فإن صاحبها ينافح عنها، ويدافع عنها، ويقاتل من أجلها، كما سار كثير من المبتدعة إلى الفضائيات وأخذوا يناضلون من أجل هذه البدعة.

وقد جلست مع كبير لهم فبكى أمامي، وتهرب من المناظرة، وخشي على نفسه من الضلال والجهل الذي ظهر ووضح على وجهه، فلم يرض أن يكمل معي الجلسة، وهو الآن يظهر في الفضائيات كما أعلمت بذلك على أنه رجل من أهل العلم، فيظهر في مجالس العلم يدعو إلى هذه البدعة المقيتة!! فالذي يبتدع، والذي يأوي المبتدع، والذي ينافح عن البدعة أحب إلى الشيطان من العاصي؛ لأن العاصي قد يرجع ويئوب ويتوب، أما المبتدع فلا يرجع عن بدعته، بل يدافع عنها؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله من آوى محدثاً) و (أبى أن يتوب الله على مبتدع).

والبدعة بدعتان: بدعة أصلية، وبدعة فرعية إضافية، والبدعة الإضافية لها أقسام كثيرة: بدعة زمانية، وبدعة مكانية، وبدعة في الهيئات، ولست بصدد التفصيل في هذه المسائل؛ لأني أريد أن أدخل في صلب الكتاب، ولأنني لو فصلت في هذا المقام لن أنتهي.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>