للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قواعد في أسماء الله تعالى]

القاعدة الثانية: في أسماء الله، وتحت هذه القاعدة فروع.

الفرع الأول: أسماء الله كلها حسنى، أي: بالغة في الحسن، واسم الله حسن؛ لأنه يتضمن أمرين: أولاً: أن الاسم علم على ذات الله، ثانياً: أن كل اسم يتضمن صفة كمال، وهذا هو الذي يبلغ بالاسم غاية الحسن، فأسماء الله جل في علاه كلها غاية في الحسن وفي الكمال؛ لأنها تتضمن صفات كمال، فإذا انضم اسم مع اسم آخر انضم كمال مع كمال فإذا قلت: الرحمن الرحيم، فهو أكمل من أن تقول: الرحمن فقط أو الرحيم فقط.

فنقول: الكريم اسم من أسماء الله وهو غاية في الحسن؛ لأنه علامة على ذات الله، ولأنه يتضمن صفة كمال وهي الكرم، والحي اسم من أسماء الله كما قال الله تعالى: {الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ} [آل عمران:١ - ٢]، وهو غاية في الحسن والكمال لأنه علم على ذات الله، ولأنه يتضمن صفة كمال وهي الحياة، وحياة الله أزلية أبدية.

ويتبين لنا من ذلك أن الدهر ليس اسماً من أسماء الله، كيف وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: لا تسبوا الدهر فإني أنا الدهر)، فكيف نقول: أن الدهر ليس اسماً من أسماء الله والله يقول: (أنا الدهر)؟ فنقول: أولاً: ننظر هل هو علامة على ذات الله أم لا؟ ثانياً: ننظر هل يتضمن صفة كمال أم لا؟ فإذا نظرنا وجدنا أنه ليس بعلامة على ذات الله، وإن قلنا أنه ليس علامة على ذات الله فنقول: هو لا يتضمن صفة كمال، وأي كمال في الدهر؟ إذاً ليس اسماً لله جل في علاه؛ لأنه لا يتضمن صفة كمال؛ لأن الضابط: كل اسم يتضمن صفة كمال فهو اسم من أسماء الله، وكثير من الناس يسمي ابنه: عبد الموجود، وهذا الاسم ليس بصحيح؛ لأمرين: الأمر الأول: الموجود ليس علامة على ذات الله، والثاني: أنه لا يتضمن صفة كمال بل يتضمن صفة نقص؛ فاسم الله هو الواجد وليس الموجود، فلا يوجد في الكون صغير ولا كبير ولا دقيق ولا جليل إلا والله هو الذي أوجده، إذاً: الموجود ليس اسماً من أسماء الله.

وفي شرح الطحاوية يسمي الله: القديم، فهل القديم اسم من أسماء الله الحسنى أو لا؟ الأشاعرة يقولون: أخص صفات الله القدم، ولا يشترك أحد مع الله في هذه الصفة، والقديم ليس اسماً من أسماء الله؛ لأنه لا يتضمن صفة كمال؛ وإنما اسم الله هو الأول.

إذاً: أخص صفات الله الأولية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنت الأول فليس قبلك شيء)، وهذا لا يقال في القديم؛ لأن القديم هناك من هو أقدم منه، وفائدة هذا الضابط: معرفة اسم الله من غيره.

الفرع الثاني: أسماء الله غير محصورة بعدد معين.

الفرع الثالث: أسماء الله لا تثبت بالعقل، وإنما تثبت بالشرع، والعلماء يقولون: أسماء الله وصفاته توقيفية، أي: يوقف فيها عند كلام الله، وكلام رسول الله، وهذا يرد على من يسمي الله بأسماء ليست موجودة في الكتاب والسنة، والنصارى يسمون الله الأب، وليس من أسماء الله جل في علاه، ولم ينزل الله به من سلطان لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن، وهذا إلحاد في أسماء الله، فإذا قلت: أسماء الله توقيفية فمعناه: أنني لا أقول بأن هذا الاسم من أسماء الله إلا إذا قلت قال الله في كتابه كذا، أو قال الرسول في الحديث كذا، ولذلك اسم (النور) اختلف فيه العلماء؛ لأنه ورد حديث ضعيف ذكر أسماء الله التسعة والتسعين، ولم يرد في السنة ما يثبت أن النور اسم من أسماء الله.

الفرع الرابع: كل اسم من أسماء الله فإنه يدل على ذاته ويتضمن صفة كمال.

والصفات صفات متعدية وصفات لازمه، واللازمة هي التي لا تتعدى كاسم الله العظيم، فالعظيم اسم من أسماء الله يتضمن صفة كمال، وصفة الكمال الذي يتضمنها اسم العظيم هي العظمة، فإن العظمة لله جل في علاه وحده وهي لازمة وليست متعدية.

أيضاً اسم الله العزيز لازم غير متعدي؛ لأن العزة صفة من صفات الذات، أما الأسماء التي لها صفات متعدية فهي الأسماء التي تتضمن صفات الفعل، كقول الله تعالى: ((الرَّحِيمِ)) فالرحيم من أسماء الله وهو غاية في الحسن؛ لأنه يتضمن صفة كمال وهي الرحمة، والرحمة متعدية؛ لكن الله رحيم قبل أن يخلق الخلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>