للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأحاديث الواردة في فضل عمر]

فضائله كثيرة، فهو الوزير الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أبا بكر وعمر يمشيان فقال لـ علي بن أبي طالب: (هذان سيدا كهول أهل الجنة) أبو بكر وعمر.

وكفى بـ عمر فخراً أن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة وهو يمشي على الأرض! روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: (بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: بينا أنا نائم رأيتني في الجنة -ورؤيا الأنبياء حق- فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لـ عمر، فأردت أن أدخله فذكرت غيرته فوليت مدبراً).

وهذا أدب جم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو يراعي غيرة أصحابه، وهو سيد عمر بل إن عمر لن يدخل الجنة إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وما نجى الله عمر إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن تأدباً من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدخل القصر الذي في الجنة لما علم من غيرة عمر، فلما قص ذلك على عمر بكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟!! صلى الله عليه وسلم، فرضي الله عن عمر بن الخطاب، وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

وفي الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه وأرضاه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت حتى إني لأرى الري يجري من أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم).

وهذه شهادة من نبينا صلى الله عليه وسلم على أن عمر بن الخطاب سيد العلماء، وهو أفقه الصحابة بعد نبينا وبعد أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه.

وهنا فائدتان: الفائدة الأولى: أن شرب اللبن في المنام يؤول بالعلم.

الفائدة الثانية: أن شرب عمر من اللبن كان من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: أنه استقى العلم كله من منبعه وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذه أيضاً فيها بشارة للذين يتبعون السنن أن العلم لا يكون إلا بما قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم.

وفي البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه قال: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، والقصة طويلة جداً وهي تبين لنا شجاعة عمر وعز المسلمين بإسلام عمر فلما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له الرسول: الآن يا عمر! قال: الآن يا رسول الله: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله! فقال: يا رسول الله ألست على الحق؟ قال: بلى.

قال: ولم الكتمان ولم السكوت؟ فخرج فصف حمزة وبعض الصحابة صفاً ثم صف عمر بن الخطاب صفاً آخر، وعلى رأس الصف الأول أسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه الفاجعة الكبرى التي سقطت كالزلزال على قريش وهي إسلام عمر مع حمزة فـ حمزة أسد الله وأسد رسوله على رأس صف، وعمر بن الخطاب كذلك، وصعدوا في شرفات مكة يعلنون بكلام الله وبكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.

وأيضاً في البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رأيت في المنام أني أنزع بدلو فجاء أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين نزعاً ضعيفاً والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غرباً) يعني: وما ترك شيئاً في البئر (فلم أر عبقرياً يفري فريه) يعني حكيم كان يدقق النظر ويخطط تخطيطاً سديداً.

ولذلك ابن القيم يقول: انظروا إلى قلب متشعب برضا الله وبعبادة الله، كان في الصلاة يخطط للمعركة، ومن الممكن للإنسان أن يخطط في صلاته؛ لأنه يرضي الله ويرضي رسوله، فالأمر كله منساق للصلاة؛ لأن الصلاة أصالة عبادة لله، وفتح المسلمين للأراضي أيضاً عبادة لله وهي مرتبطة بهذه العبادة.

قال: (حتى روي الناس وضربوا بعطن)، وهذه دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم يبشر بأن خلافة أبي بكر كانت قليلة، وأما خلافة عمر رضي الله عنه وأرضاه فهي طويلة الأمد، فقد اتسعت الخلافة في يد عمر بن الخطاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>