للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو سعيد السّيرافي (ت ٣٦٨ هـ): «يعني أنك إذا قلت: (سير عليه ليل طويل)، فهو إلى الرفع وإقامته مقام الفاعل أقرب، لأنه كلما نعت قرب من الأسماء، وبعد من الظروف. وإذا قلت: (سير عليه ليل) وأنت تريد هذا المعنى رفعت أيضا، إلا أن ذكر النعت أجود، لأنه يبيّن بها قربه من الاسم، وإن نصبت جاز أيضا، فقلت: (سير عليه ليلا طويلا)، كما تقول: (سير عليه الدهر)«١»

[- الدلالة على التوكيد:]

- قال ابن جني « ... وذلك أن العرب إذا أخبرت عن شيء غير معتمدته ولا معتزمة عليه أسرعت فيه، ولم تتأنّ على اللفظ المعبّر به عنه ... ويكفي في ذلك قول الله سبحانه: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ [البقرة ٢٢٥]، قالوا في تفسيره: هو كقولك: لا والله، بلى والله «٢». فأين سرعة اللفظ بذكر اسم الله تعالى هنا من التثبت فيه والإشباع له والمماطلة عليه من قول الهذلي «٣»:

فو الله لا أنسى قتيلا رزئته ... بجانب قوسى ما مشيت على الأرض «٤»

أفلا ترى إلى تطعّمك هذه اللفظة في النطق هنا بها وتمطّيك لإشباع معنى القسم عليها؟ وكذلك أيضا قد ترى إلى إطالة الصوت بقوله من بعده:


(١) شرح كتاب سيبويه: أبو سعيد السيرافي، تحقيق: د. محمد هاشم عبد الدائم، مراجعة:
د. رمضان عبد التواب ود. محمود علي مكي، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، ١٩٩٨ م، ص ٤/ ١٩٦.
(٢) انظر معاني القرآن: الفراء، ١/ ١٤٤؛ ومجاز القرآن: ١/ ٧٣.
(٣) هو أبو خراش الهذلي، في قصيدة يرثي بها أخاه عروة، يقول في مطلعها:
حمدت إلهي بعد عروة إذ نجا ... خراش، وبعض الشرّ أهون من بعض
انظر شرح أشعار الهذليين: صنعة أبي سعيد السكري، تحقيق: عبد الستار أحمد فرّاج، مراجعة: محمود محمد شاكر، مكتبة دار العروبة، القاهرة، ١٩٦٥ م، ص ٣/ ١٢٣٠.
(٤) قوسى: بفتح أوله وضمه معا: موضع ببلاد هذيل. انظر معجم ما استعجم: أبو عبيد البكري، تحقيق: مصطفى السقا، عالم الكتب، بيروت، ط ٣، ١٩٨٣ م، ص ٣/ ١١٠٢.

<<  <   >  >>