للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من خلقهم؟ اعترفوا بأن الله خلقهم، فكيف صرفوا مع ذلك إلى عبادة غيره وهو خالقهم؟! قال الحاكم: «فأشار تعالى إلى أنهم نقضوا الجملة بالتفصيل» ثم قال: «وهكذا حال كل مبطل ومبتدع» «١».

[ثانيا: محوره في تفسيره]

القاعدة الأساسية التي ركن إليها الحاكم، وهي مبدأ العدل والتوحيد، أقام عليها محورا هاما أدار عليه تفسيره الكبير. وهذا المحور وإن كان يعدّ جزءا من تلك القاعدة الفكرية، وأحد وجوهها كذلك، إلا أنه لهج به بصورة دائبة حتى ليجد القارئ أثره في كل صفحة من صفحات الكتاب. وهذا المحور عبارة عن أمرين: أولهما: إثبات أن المعارف مكتسبة.- وهو أقلهما شأنا- والثاني: النقض على المجبرة، وهو أبعد الأمور أثرا وأخطرها شأنا في تفسير الحاكم. ولعل الباحث لا يخطئ الحكم على الحاكم- بعامة- إذا قال فيه: إنه أغرى بشيئين: القول بأن المعارف مكتسبة، والكلام على المجبرة. كما أغرى الجاحظ من قبله بشيئين: إثبات أن المعارف ضرورة، والكلام على الرافضة. كما يقول أبو علي.


(١) ولهذا وصف قومه بأنهم لزموا الحجة والسنة ولم يكونوا من المبتدعين! قال في شرحه اللغوي لكلمة «اعتزلوكم» في قوله تعالى: (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ) - في سورة النساء- «وسميت المعتزلة معتزلة لاعتزالهم عن البدع والأهواء، ولزومهم الحجة والسنة» التهذيب ورقة ١٨٨.

<<  <   >  >>