للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلته، إنما هو باختصار قضايا العدل والتوحيد، ولا بد أن كلام الحاكم هنا في تقسيم المعارف يعيد إلى الذهن ما عرضنا له من كلامه في التوحيد والعدل، وضرورتهما لمعرفة الشرائع والأحكام، حتى ليمكننا القول:

إن ميدان التأويل الحقيقي في تفسير الحاكم إنما هو الآيات التي تدل بظاهرها على خلاف العدل والتوحيد وما يتفرع عنهما من قواعد وأصول. على أن الحاكم لم يهمل النظر في آيات التشريع والأحكام في تفسيره- كما سنبين عند الكلام على فقهه وطريقته في كتابه- بل وقف أمام دلالات الآيات على الأحكام، وما يراه في ذلك أصحاب المذاهب الفقهية، غير أن وقوفه من مسائل حمل العام على الخاص، وحمل المطلق على المقيّد، وحمل المشترك على أحد معنييه أو معانيه ... وسائر مسائل التأويل في أصول

الفقه «١»، كان عابرا وبعيدا عما رسمه لنفسه من حدود التأويل، كما أنه لا يعطي صورة ما عن أي منهج مستقل أو متميز في هذا الباب، وما يزال الطابع الكلامي الواضح هو الذي يميز تفسير الحاكم ويحدد منهجه في التفسير والتأويل.

[ثالثا: التأويل واللغة وأنواع المجاز]

وقد قدمنا الكلام على عناية الحاكم الكبيرة باللغة في التفسير والتأويل، وأشرنا إلى أن هذه العناية ربما كانت ألزم له في باب التأويل منها في باب التفسير، لأن التفسير بظاهر اللفظ لا يحتاج إلى الكثير من الأدلة والشواهد اللغوية- اللهم إلا حين ينازع الخصم بهذا الظاهر- في حين أن العدول


(١) انظر تفسير النصوص في الفقه الإسلامي للدكتور محمد أديب صالح، ص ٢٦٦.

<<  <   >  >>