للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما يحرم على الجنب]

أول الأمور التي يحرم على الجنب فعلها: الصلاة، فلا يجوز بحال من الأحوال للجنب أن يصلي أو يقف أمام ربه جل في علاه، والدلالة على ذلك الكتاب والسنة، والنظر، أما من الكتاب: فقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة:٦].

ثم قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:٦] أي: فاطهروا أولاً، ثم قوموا إلى الصلاة.

أيضاً: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء:٤٣].

فلا تقرب موضع الصلاة، فالصلاة من باب أولى فأنت ممنوع عنها.

من الأحاديث أيضاً والآثار والسنن الفعلية عن النبي صلى الله عليه وسلم: ما جاء عن أبي هريرة كما في أبي داود بسند صحيح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قام يصلي فلما كبر تذكر أنه كان جنباً فقال لهم: مكانكم، ثم ذهب فاغتسل، قال أبو هريرة فجاء ورأسه يقطر ماءً ودخل الصلاة، وأكمل بهم الصلاة.

الحديث الثاني: حديث عمر بن الخطاب أنه صلى بالناس وكان غير مبالٍ، وكان جنباً فتذكر بعد الصلاة أنه كان جنباً فاغتسل وأعاد الصلاة.

أيضاً يحرم على الجنب أن يجلس في المسجد، فقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا} [النساء:٤٣].

والسياق يفسر المراد، فالمراد مكان الصلاة، وموضع الصلاة، فلا تقربوا الصلاة أي: لا تقربوا المسجد.

وقد ورد عن جابر بسند صحيح أنه قال: كان أحدنا يمر في المسجد جنباً مجتازاً.

وهذه دلالة على أنهم أولوا الآية: أنه لا يجوز المكث في المسجد.

ويستدل من السنة بأحاديث ضعيفة منها: حديث ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه: (لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب) وهذا الحديث ضعيف.

ومن الأدلة أيضاً على ذلك: القياس الجلي، فهم يرون أن النبي صلى الله عليه وسلم منع الذي يأكل البصل من دخول المسجد فكيف بالذي تلبس بالجنابة أو بالحدث الأكبر؟ ويعضدون ذلك بالحديث المشهور: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب أو صورة أو جنب) وزيادة الجنب زيادة ضعيفة.

الثالث: يحرم عليه قراءة القرآن.

ومن ذلك: قول علي وهو حديث في السنن عن علي بن أبي طالب قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن في كل أحواله سوى الجنابة)، والحافظ ابن حجر في فتح الباري مال إلى صحته.

ثم العلماء قد قعدوا لنا القاعدة: الراوي أعلم بما روى، فهو أعلم بمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد ورد أيضاً بسند صحيح عن عمر بن الخطاب أنه منع الجنب من القراءة.

وعن عمر بسند صحيح كان يقول: إني لآكل وأنا جنب، وأشرب وأنا جنب، ولا أقرأ القرآن وأنا جنب.

فـ عمر بن الخطاب يرى أن الجنابة تمنع من قراءة القرآن.

الأمر الرابع مما يحرم على الجنب: مس المصحف، فإذا منع من قراءة القرآن لم يمنع من الذكر، ولا من الاستغفار ولا من الذكر الذي هو يتضمن آية.

والدلالة على ذلك واضحة جداً من قول الله تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة:٧٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>