للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العلاقة بين الإرسال والتدليس]

وعند الكلام عن اتصال السند لابد من الكلام عن التدليس والإرسال، والإرسال الخفي، وطبقات المدلسين؛ لأنها كلها ناتجة عن انقطاع السند.

والإرسال مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتدليس، والعلاقة هي الإسقاط، فالمدلس يروي عن شيخه الذي عاصره ما لم يسمع منه، والمرسل: هو أن يروي عمن لم يعاصره بصيغة محتملة للسماع.

إذاً: فهما يتفقان ويفترقان، فيتفقان في الإسقاط، ويختلفان في المعاصرة، فالمدلس قد عاصر من دلس عليه، وأما المرسل فلم يعاصر من أرسل عنه.

مثل: سليمان بن مهران الأعمش، فقد كان مدلساً، وكان بحراً ثقة، كما قال الذهبي عنه: أنه إذا صرح بالسماع فلا كلام، فإذا قال الأعمش في إسناده: عن أنس بن مالك، نظرنا هل سمعه منه أو لا؟ وهو قد رأى أنساً، ولكن هل سمع منه أم لا؟ فينظر في هذه العنعنة؛ لأن الصحيح الراجح أنه لم يسمع من أنس، فيبحث عن الواسطة بينهما، الذي أسقطه، وهل هو ثقة أو لا؟ وكذلك إذا قال سعيد بن المسيب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن سعيداً مختلف في سماعه من عمر، فكيف يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو لم يعاصر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه من التابعين، وليس من الصحابة.

إذاً: المدلس عاصر من دلس عليه، وأما المرسل فلم يعاصر من أرسل عنه، وأهل التحقيق يسمون هذا النوع من التدليس: إرسالاً خفياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>