للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فضل الإمام ابن عيينة ومناقبه]

كان ابن عيينة فحلاً ثقة ثبتاً، قال الشافعي: لولا مالك وابن عيينة لضاع علم الحجاز، كان ابن عيينة -كما قلت- ثقة ثبتاً حافظاً، لكنه تغير في آخر عمه، والتغير بالآخرة ليس كالاختلاط، فهو أخف من الاختلاط، فهو أول درجات الاختلاط، وابن عيينة كان ثبتاً ورعاً تقياً، عالماً زاهداً، كريماً سخياً، والمؤرخون عندما يترجمون لـ ابن عيينة يقولون: كان ابن عيينة فحلاً ثقة ثبتاً يرحلون له من مشارق الأرض ومغاربها، من اليمن والكوفة والبصرة يريدون الحج وأصل مرادهم ابن عيينة بنية مدخولة، فهل هذا الحج حج مبرور أم لا، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات)؟

الجواب

لا تعارض بين أن يذهب لطلب العلم وينوي الحج؛ لأن الله يقول: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج:٢٨] وبما أن الله قد أباح المنافع الدنيوية فمن باب أولى أن تكون المنافع الأخروية مباحة كطلب العلم.

إذاً: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج:٢٨]، ومن أهم المنافع: طلب العلم؛ لأنه بالعلم تستقيم العبادة، فـ ابن عيينة كانوا يرحلون له، حتى إنه ذات مرة لما جلس مجلسه للحديث بكى وقال: (خلت الديار فسدت، إن هذا لزمان سوء)، رضي الله عنه وأرضاه، وقد قال فيه الشافعي: ما رأيت أحسن تفسيراً للحديث من ابن عيينة.

كان مجلس ابن عيينة يضج بطلبة العلم الذين يطلبون منه الحديث، ولكنه لم يكن واسع الرواية كـ سفيان الثوري، لكنه كان ثقة ثبتاً، وكان له اعتبار بين علماء الحديث، وكان من كبار أهل العلم.

وكان أيضاً عابداً ورعاً تقياً يحفظ حديث النبي صلى الله عليه وسلم ويعمل به؛ ولذلك بارك الله له في العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>