للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان كتاب مالك وهو (الموطأ) أجلّها وأعظمها نفعا، وإن كان بعضها أكبر حجما منه وأكثر أحاديث.

قال السيوطي في شرح الموطأ: الصواب إطلاق أن الموطأ صحيح، لا يستثنى منه شيء «١» وهذا غير صواب، والحق أن ما في (الموطأ) من الأحاديث الموصولة المرفوعة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم صحاح كلها، بل هي في الصحة كأحاديث الصحيحين، وأن ما فيه من المراسيل والبلاغات وغيرها يعتبر فيها ما يعتبر في أمثالها، مما تحويه الكتب الأخرى. وإنما لم يعدّ في الكتب الصحاح لكثرتها وكثرة الآراء الفقهية لمالك وغيره.

ثم إن (الموطأ) رواه عن مالك كثير من الأئمة، والذي في أيدينا منه رواية يحيى الليثي، وهي المشهورة الآن. ورواية محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، وهي مطبوعة في الهند.

وقد طلب المنصور من الإمام مالك أن يجمع الناس على كتابه، فلم يجبه إلى ذلك. وذلك من تمام علمه واتصافه بالإنصاف، وقال: إن الناس قد جمعوا واطلعوا على أشياء لم نطّلع عليها.

وقد اعتنى الناس بكتابة (الموطأ) وعلقوا عليه كتبا جمّة. ومن أجود ذلك كتابا (التمهيد)، و (الاستذكار) للشيخ أبي عمر ابن عبد البر النّمري القرطبي. اه من الباعث وشرحه.

[إطلاق اسم الصحيح على الترمذي والنسائي]

كان الحاكم أبو عبد الله، والخطيب البغدادي يسميان كتاب الترمذي: «الجامع الصحيح». وهذا تساهل منهما. فإن فيه أحاديث كثيرة منكرة. وقول الحافظ أبي علي ابن السكن، وكذا الخطيب البغدادي في كتاب «السنن» للنسائي: إنه صحيح، فيه نظر. وإن له شرطا في الرجال أشدّ من شرط مسلم غير مسلّم؛ فإن فيه رجالا مجهولين: إما عينا، وإما حالا، وفيهم المجروح، وفيه أحاديث ضعيفة ومعللة ومنكرة، كما نبهنا عليه في «الأحكام الكبير». اه. ابن كثير.

[مسند الإمام أحمد]

وأما قول الحافظ أبي موسى محمد بن أبي بكر المديني عن مسند الإمام أحمد: إنه صحيح: فقول ضعيف، فإن فيه أحاديث ضعيفة، بل وموضوعة، كأحاديث فضائل مرو، وعسقلان، والبرث (الأرض اللينة) الأحمر عند حمص، وغير ذلك كما قد نبه


(١) شرح الموطأ للسيوطي ص: ٨.

<<  <   >  >>