للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تعريف القاعدة وشرحها]

ولا بد من معرفة معنى القاعدة حتى نطبقها تطبيقاً صحيحاً، فالأمور: واحدها أمر، أو جمع أمر، والأمر في اللغة معناه: الحال أو الشأن، أي: الشأن والحال، قد يقبل أو يرد بالمقصد، ومقاصدها: جمع مقصد، والمقصد معناه: العزم على الشيء.

إذاً: معنى قاعدة الأمور بمقاصدها: أن أحوال وشئون الإنسان في أفعاله تترتب على نيته، وفي عرف الفقهاء: الأمور بمقاصدها يعني: أعمال المكلف، والفرق بين القواعد الفقهية وبين القواعد الأصولية، أن القواعد الأصولية: تهتم بدلالات اللفظ مثل: الأصل في الأمر الوجوب، الأصل في النهي التحريم.

أما القواعد الفقهية: فإنها تنظر إلى أعمال المكلفين سواء القولية أو الفعلية، فأحكامها ونتائجها تترتب على النية، بمعنى أن أعمال المكلف من قبول ورد، أو ثواب وعقاب، أو صحة وبطلان تترتب على النية، فمثلاً رجل قام يصلي، فصلاته لها صحة أو بطلان، ولها ثواب أو عقاب.

ومثاله شخص سمع المؤذن يؤذن لصلاة الظهر، فإذا قام يصلي خالعاً النية فصلاته باطلة، كأن يصلي مع الإمام الظهر فقام وكبر، ولم يستحضر النية، ولم ينو أي صلاة أي: لم يعين صلاة، فلا يدري هل سيصلي ظهراً؟ أم عصراً؟ أم نافلة؟ أم فرضاً؟ فأتى بتكبيرة الإحرام والفاتحة والركوع والرفع والسجود والرفع إلى أن انتهى من الأربع الركعات، فحكم هذه الصلاة البطلان؟ لأن الأمور بمقاصدها.

ومعنى الأمور بمقاصدها أنها: تصح إذا كان المقصد صحيح، وتبطل بضد ذلك.

ومثلاً: لو دخل رجل فصلى، ونوى أن يصلي الظهر، لكن لما رأى الناس ينظرون لصلاته قال: سيمدحونني، فأحسن هذه الصلاة؛ من أجل أن الناس سيمدحونه على خشوعه، فحكم هذه الصلاة: أنها صحيحة ويأثم عليها.

أما بالنسبة للشق الثاني الذي تكلمنا عنه في معنى الأمور بمقاصدها، أي: الثواب أو العقاب، فليس له عليها ثواب؛ لأن الأمور بمقاصدها، وله الثواب لو قصد بذلك وجه الله انبثاقاً من الحديث: (ما أنفقت نفقة صغيرة ولا كبيرة تبتغي)، وقيد بـ (تبتغي بذلك) الحديث.

إذاً: إذا صليت صلاة فأحسنت الركوع والسجود والرفع وجب أن أقول لك: اقصد بذلك وجه الله لتثاب على هذه الصلاة، وهذا معنى أو شرح التعريف.

إذاً: شرح تعريف الأمور بمقاصدها عند الفقهاء: أن أعمال المكلفين سواء أكانت قولاً أم فعلاً، صحة أو بطلاناً، ثواباً أو عقاباً، تترتب على النية، وتطبيق هذه القاعدة كثير عند فقهائنا، والقواعد الفقهية تشمل جميع الأبواب، أو تشمل أغلب الأبواب، خلافاً للضوابط؛ لأن الضابط يشمل باباً واحداً كالطهارة مثلاً أو الزكاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>