للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[صيغ العموم]

وصيغ العموم كثيرة، منها ما هو نص في العموم، ومنها ما هو الغالب في العموم.

الأول: المعرف بالألف واللام؛ ويشترط في الألف واللام أن تكون استغراقية، أي: كاسم الجنس، فإذا عرف الاسم بالألف واللام التي تفيد الاستغراق فإنه يفيد العموم.

مثال ذلك: الجمعة عيد، فإنه يفيد العموم، بمعنى: كل جمعة عيد؛ لأن (الجمعة) اسم جنس معرف بالألف واللام، ولكي تعرف اسم الجنس جرده من الألف واللام وضع قبلها كل، فإذا استقام الكلام علمت أنه اسم جنس، سواء كان مفرداً أو جمعاً، بل الجمع من باب أولى.

فمثال المفرد: قول الله تعالى: {وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} [النساء:٢٨]، فـ (الإنسان) مفرد، وهو اسم جنس معرف بالألف واللام، فيفيد العموم، أي: أن كل إنسان ضعيف.

وهنا

السؤال

الإنسان من المخلوقات القوية، فلماذا قال: ((وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا)

الجواب

أن المراد بالآية: أنه حين خلق كان ضعيفاً.

ومثال الجمع: قول الله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور:٥٩]، و (أطفال): جمع طفل، وهو معرف بالألف واللام، فيفيد العموم، أي: كل طفل.

وهنا سؤال: كيف نعرف أن المراد كل طفل حتى الأطفال الذين يعيشون في أسرة تقية نقية؟ الجواب: نعرف من كونه جمع معرف بالألف واللام، فيفيد كل طفل.

ومثال اسم الجمع: قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء:٣٤] فلفظ (الرجال) و (النساء)، عام، لأنه اسم جمع معرف بالألف واللام.

وقال الله تعالى في قصة موسى لما أمرهم بذبح البقرة، قالوا: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} [البقرة:٧٠] فـ (البقر) اسم جنس جمعي معرف بالألف واللام، فيفيد العموم.

الثاني: المعرف بالإضافة، سواء كان مفرداً أو جمعاً أو غيره.

فمثال المفرد المعرف بالإضافة: قول الله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [إبراهيم:٣٤]، فـ (نعمة) اسم مفرد مضاف يفيد العموم، فيكون المعنى: نعم الله لا يمكن أن تعد ولا تحصى.

ومثلها قول الله تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [البقرة:٢٣١].

ومثال الجمع المعرف بالإضافة: قول الله تعالى: {فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ} [الأعراف:٦٩]، فـ (آلاء) جمع مضاف لله جل وعلا، فتعم كل آلاء الله جل وعلا.

أيضاً: قال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب:٣٢]، فـ (نساء النبي) اسم جمع مضاف يعم كل نساء النبي.

ومثال اسم الجنس المعرف بالإضافة: قول الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:١١] فـ (أولاد) مضاف والكاف مضاف إليه، فيعم كل الأولاد الذكر والأنثى، ثم قال: ((لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ)).

ومن أمثلة اسم الجنس المعرف بالإضافة: تمري لفلان، مثلاً.

الثالث: الأسماء الموصولة، فكل الأسماء الموصولة تفيد العموم، فإذا رأيت الاسم الموصول فاعلم أنه يستغرق كل ما يكون تحته من أفراد.

مثال ذلك: قول الله تعالى: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} [الأحقاف:١٧] فـ (الذي) هنا معناه: شامل لكل من يتأفف.

أيضاً: قال الله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر:٣٣] فهي شاملة لكل أحد يأتي بالصدق ويصدقه.

وقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء:١٠] ليس فقط العثاة، بل لكل من يأكل أموال اليتامى ظلماً، فإنما يأكل في بطنه ناراً.

وقول الله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ} [النساء:٣٤] هل هو للمتبرجات دون المنتقبات؟ لا، بل هو لكل النساء؛ لأن الأسماء الموصولة كلها تفيد العموم.

أيضاً: (من) قال الله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [النازعات:٢٦] فهي عامة لكل أحد يخشى.

وأيضاً: (ما) قال الله تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل:٩٦] فـ (ما) هنا للعموم، لكنها لغير العاقل.

الرابع: أسماء الشرط، فهي تدل على العموم، فإذا قلت: إن جاءك زيد فأكرمه، فإنها تدل على عموم الإكرام، بمعنى: أنه كلما أتاك زيد أكرمه، سواء أتاك في السبت أو الأحد أو الجمعة أكرمه، فهذا عموم وصف أو عموم إكرام.

وأيضاً: قول الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت:٤٦] فـ (من) من أسماء الشرط.

وكذلك: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} [النمل:٨٩] شرطية أيضاً، فيكون المعنى: لن يكون له خير منها إلا من جاء بالحسنة، أو نقول على الاسم الموصول: الذي جاء بالخير، أو بالعمل الصالح فله خير منه.

وأيضاً: أينما ومهما وحيثما، قال الله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء:٧٨]، ومثله: حيثما العلم فأنا معه، وحيثما العلم فكن.

الخامس: أسماء الاستفهام تفيد العموم، فمثال (من) قول الله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} [البقرة:٢٤٥]، وقال الله تعالى: {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك:٣٠] والاستفهام هنا إنكاري.

وأيضاً (أين) الاستفهامية تفيد العموم {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ} [النساء:٧٨].

السادس: النكرة في سياق النفي، أو في سياق الشرط، أو في سياق النهي تفيد العموم، وهي نص في العموم، مثلها مثل: (كل، وجميع، وقاطبة، وعامة) كما يأتي.

فمثال النكرة في سياق النفي التي تفيد العموم: قال الله تعالى: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران:٦٢]، (ما) هنا نافية تنفي وجود أي إله مع الله تعالى.

وقال الله تعالى: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة:١٩٧]، فعموم الرفث حرام، وهذا نفي يراد به النهي، فهو خبر يراد به الإنشاء، فيكون معنى: (فلا رفث) أي: أنهاكم عن الرفث في الحج.

ومثال النكرة في سياق النهي التي تفيد العموم: قال الله تعالى: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان:٢٤] (آثماً أو كفوراً) نكرة في سياق النهي تفيد العموم، أي: كل الآثمين في العالم، وقال الله تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة:٨٤]، أي: لا تصل على أحد من المنافقين؛ لأنه نكرة في سياق النهي فأفادت العموم.

ومثال ة في سياق الشرط الت تفيد العموم: قال الله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب:٥٤] فـ (شيئاً) نكرة في سياق الشرط تفيد العموم.

وأيضاً: قول الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة:٦]، فـ (أحد) نكرة في سياق الشرط يفيد العموم.

{وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} [الأعراف:١٣٢] فـ (آية) نكرة في سياق الشرط تفيد العموم، أي: أي آية، سواء العصا أو بياض يدك أو إخبارك بشيء، فلن نؤمن لك.

ومثله قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا ابتعت شيئاً فلا تبعه حتى تقبضه) فـ (شيئاً) نكرة في سياق الشرط تفيد العموم.

وأيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم) فـ (قوماً) نكرة في سياق الشرط تفيد العموم، أي: سواء كانوا عرباً أو غير عرب، قليلاً أو كثيراً.

ومثال النكرة في سياق الاستفهام الإنكاري التي تفيد العموم: قال الله تعالى: {مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ} [القصص:٧١].

السابع: ما كان بمادته نص في العموم، وهي: كل، وجميع، وكافة، وقاطبة.

قال الله تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور:٢١]، أي: كل إنسان بما كسب سيحاسب.

وقول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران:١٨٥]، يعم كل نفس حية.

وقول الله تعالى: {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ} [الزمر:٦٧]، أي: كل الأرض.

وقول الله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة:٣٦] أي: كل المشركين.

ويجتمع نصان للعموم في جملة إذا جاء بـ (كل) و (جميع) قال الله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر:٣٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>