للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حديث الوضوء مما مست النار]

أما الرد على حديث أبي هريرة السابق: (الوضوء مما مسته النار) فهو منسوخ عند الجمهور، وقالوا: هو منسوخ كلية في لحم الجزور وفي غيره، والصحيح والراجح ما رجحته الحنابلة؛ لأن نسخ دار على كل مسخن إلا لحم الجزور فلحم الجزور يجب على من أكل لحم الجزور أن يتوضأ لماذا؟ لذا ورد في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله أحدهم فقال: (أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت -فخيرهم- فقال له: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: توضأ).

فخيره في الوضوء من لحم الغنم، والتخيير يدل على الجواز، بينما أمره بالوضوء من لحوم الإبل.

وأما حديث (من غسل ميتاً فليغتسل) فهو حديث ضعيف، والصحيح الراجح: أنه لا يفعل شيئاً من ذلك، بل من غسل ميتاً فله أن يصلي ولا يتوضأ، ومن حمل ميتاً أيضاً فلا يلزمه الوضوء، لكن إن فعل ذلك على سبيل الاستحباب فله ذلك لكن لا يلزمه.

فنرى هنا كيف أن المحدثين أنفقوا الغالي والرخيص من أجل حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أجل التفتيش على الحديث الصحيح والحديث الضعيف، ومن أجل الحفاظ على هذه المشكاة، وهذا العلم الغزير من رسول الله؛ لأن الأحكام كلها تتعلق بصحة حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فللمحدثين قواعد ينظرون فيها لغربلة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، سواء في المتون أو الأسانيد، فأما الأسانيد فكتب الجرح والتعديل كثيرة جداً في ذلك، وأساليب التضعيف كثيرة جداً، وهذا إن شاء الله لعلنا ندرسه بعدما نتكلم على كيفية نقد المتون.

<<  <  ج: ص:  >  >>