للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية معرفة التصحيف]

المسألة الثالثة: الكلام عن التصحيف، والتصحيف هو الخطأ في الصحيفة، فترى الراوي يسمع من الشيخ الكلمة فيصحفها ولا يستطيع أنه يقرأها قراءة صحيحة، ولذلك أمثلة كثيرة منها: وهم الراوي في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان فأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر) فجاء الراوي فقال: (من صام رمضان فأتبعه شيئاً من شوال فكأنما صام الدهر)، فصحف (ستاً) إلى (شيئاً).

وقد كان كثير من القصاصين يصحفون أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أشهر أمثلة ذلك: حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أتيتم المسجد فعليكم بالسكينة والوقار) فبعض المصحفين قرأها: (بالسكينة والفأر).

وبعض المعاصرين قرأ قول الله تعالى: {يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا} [هود:٤٨] فقال: اهبط بِسُلَّم.

والتصحيف أكثر من ذلك، لكن المراد هنا تصحيف المحدثين، وقد اعتنى به المحدثون، وليس المحدثون فقط، بل اعتنى به أيضاً أهل اللغة، وهم أقوى الناس على ضبط هذه المسائل.

وهناك أيضاً حديث صحفه عبد الله ابن لهيعة، وهذا الرواي كان يتلقن، أي: أنه بعدما يأتي بالترجمة الصحيحة إذا لقنته غيره فإنه يتلقن، وكان مصرياً وكان الشيخ أحمد شاكر يصحح حديثه، لكن العلماء يضعفون حديث ابن لهيعة، وكان مدلساً، وكان أيضاً ضعيف الحفظ، فـ ابن لهيعة صحف حديث زيد بن ثابت فقال: (احتجم النبي في المسجد) فشرع الحجامة بهذا الحديث في المسجد، وقد يسيل الدم في المسجد فيتسخ بذلك، فهو شرع ذلك بهذا التصحيف، والصحيح في الرواية: (احتجر) فصحف احتجر إلى احتجم التي هي بالميم، والصحيح (احتجر) يعني: اتخذ حجرة من حصير في الاعتكاف، فكأنه احتجر حجرة، والله أعلم.

فهذا التصحيف أيضاً من الضعف بمكان، وأهل العلم من أهل اللغة هم الذين تتبعوا هذا وخدموا السنة، فجزاهم الله عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم خيراً ومنهم أبو عبيد القاسم بن سلام الذي انبرى لذلك وأتى بغريب الحديث، وبين التصحيف من غيره، والخطابي من المحدثين أيضاً انبرى لهذا الأمر، فالتصحيف يعرف بجمع الطرق وبجمع الروايات.

والخطأ في الصحيفة معناه: أن يصحف إما في حرف، أو في نقطة، أو في الكلمة كلها، فيصحفها بأن يغيرها، أو يغير من شكلها، أو يغير من حروفها، أو يغير من النقط التي فيها والتي تبين الكلمة من غيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>