للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو فيه]

وفي الموطأ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تتخذوا قبري عيداً) يعني: من العود، فلا تعتادوا وتنتابوا قبري ليل نهار، وهذا الذي نبينه للحجاج والمعتمرين لأن بعضهم إذا صلى الفجر قال: أنا سأسلم على النبي، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا عمر، ثم يأتي في الظهر يسلم وفي المغرب يسلم وفي العصر يسلم، وفي العشاء يسلم، فهو يقع في البدعة ولا يدري، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد).

وعلاقة الحديث بموضوعنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد حسم المادة؛ لأنهم لو عاودوا الذهاب والإياب إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم سيقعون في الغلو في رسول الله، وقد حدث الغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال البوصيري: فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم قال ابن رجب: هذا السفيه لم يترك لله شيئاً، أي: من جودك أنت الدنيا والآخرة، ومن علومك علم اللوح والقلم أي: علم اللوح المحفوظ من علمك يا رسول الله، وهذا من الغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبعضهم غلوا في النبي صلى الله عليه وسلم حتى قالوا: إن النبي خلق من نور.

والأشد من هذا قولهم: صعد جبريل ليأخذ القرآن من أجل أن ينزل به إلى محمد فكشف الحجاب فقال محمد: منك وإليك.

لقد جعلوا رسول الله الخالق وهو المخلوق.

فالعود على قبر النبي صلى الله عليه وسلم سيصل بالإنسان إلى الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم، والغلو في النبي صلى الله عليه وسلم يصل به إلى الشرك بالله جل في علاه، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم حسماً للمادة: (لا تجعلوا قبري عيداً).

وكان يقول: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد) والحمد لله قد كان.

وقالت عائشة رضي الله عنها وأرضاها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اشتد غضب الله على أقوام يتخذون القبور مساجد).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (شرار الخلق عند الله من تقوم عليهم الساعة، والذين يتخذون القبور مساجد) كل هذه النواهي كانت حسماً للمادة وسداً للذريعة وخوفاً من وقوع الأمة في الغلو في الصالحين ببناء المساجد على قبورهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>