للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[محنته وكراماته ووفاته]

ابتلي شيخ الإسلام ابتلاء شديداً، فأولاً: سجن، ثم بعد ذلك نفي، ثم بعد ذلك مات في سجنه، وكان يقول: ماذا يريد أعدائي مني؟ إن سجنوني فسجني خلوة بربي، وإن قتلوني فقتلي شهادة، وإن نفوني فنفيي سياحة، لذلك حاروا فيه فاجتمعوا جميعاً وقال بعضهم: اقتلوه، وقال الثاني: لا، اقطعوا لسانه، وقال الثالث: عزروه.

فانظروا إلى كرامات شيخ الإسلام ابن تيمية فإنه ما لبث بعدما قالوا ذلك كثيراً إلا والذي قال: اقتلوه قد قتل، والذي قال: اقطعوا لسانه قد قطع لسانه، والذي قال عزروه قد عزر!! وهذه كرامة لشيخ الإسلام ابن تيمية.

والكرامة الأعظم له حدثت عند موته، وذلك أنه نزل مصر -وهذه الرسالة تهتم بما قاله في مصر- ليبين لهم التوسل المشروع والتوسل الممنوع، والكلام على الأموات، والكلام على الحلف بغير الله، وشد الرحال للقبور، فأبطل هذه الأصول، فحسدوه، ثم سجنوه، ثم بعد ذلك عندما خرج من سجنه سجنوه في الشام حتى مات، وصدق فيه كلام الإمام أحمد حين قال: بيننا وبينهم الجنائز.

فقال ابن القيم وابن كثير: وأما جنازة ابن تيمية فكانت أعظم ما تكون، اجتمع فيها الرجال والشيوخ والأطفال والنساء والنصارى واليهود، أو قال: والنصارى.

فاجتمع هؤلاء جميعاً في جنازة ابن تيمية تكريماً من الله له كما كرم الله قبله صحابة رسوله والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

وكانت وفاته في سنة (٧٢٨هـ) فرحمه الله رحمة واسعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>