للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشفاعة في الخروج من النار]

الشفاعة الأخيرة: الشفاعة في أناس من أهل الكبائر، غلبت سيئاتهم حسناتهم ودخلوا النار، مع أنهم موحدون لكن استحقوا دخول النار لذنوبهم، فصاروا فحماً، فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم والملائكة، والمؤمنون فيشفعون في هؤلاء فيخرجون من النار ثم يدخلون الجنة.

حيث يأمر الله جل في علاه الملائكة أن تأخذهم فتلقي كل واحد منهم في نهر الحياة، فيحيا ثم يدخل الجنة بهذه الشفاعة.

هذه الشفاعة اتفق أهل السنة والجماعة على أنها حاصلة للنبي صلى الله عليه وسلم وللأنبياء والملائكة والمؤمنين، غير أن المعتزلة والخوارج أنكروا هذه الشفاعة.

والذي اشتهر في إنكار هذه الشفاعة هو مصطفى محمود، وهذا نتيجة لفكر الاعتزال، فإن المعتزلة يرون أن صاحب الكبيرة لا يمكن أن يخرج من النار، بل هو خالد مخلد في النار؛ لأن تأصيل الإيمان عند المعتزلة والخوارج تأصيل واحد، لكن يفترقان في الاسم، فالمعتزلة يقولون: صاحب الكبيرة هو في منزلة بين المنزلتين، لا نقول مؤمن ولا نقول كافر، أما الخوارج فقالوا: صاحب الكبيرة كافر خارج عن الملة، فلا يصلون عليه ولا يقبر في مقابر المسلمين، ولا يمكن أن يشفع له أحد؛ لأنه يعتبر خالداً مخلداً في نار جهنم، والعياذ بالله.

والمعتزلة أيضاً: نتيجتهم مثل هذه فإنهم يقولون: هو في الدنيا في منزلة بين المنزلتين، أما في الآخرة فهو خالد مخلد في نار جهنم، والعياذ بالله.

فهؤلاء أنكروا الشفاعة لأهل الكبائر؛ لأنهم لو أقروا بها لهدمت الأصول التي بنوها على فاعل الكبيرة؛ لأن الشفاعة لا تكون إلا لأهل التوحيد وهم قد أخرجوهم من دائرة أهل التوحيد بضلال منهم.

إذاً: هذه الشفاعة الأخيرة يشترك فيها الأنبياء والمرسلون والملائكة والمؤمنون، والدليل عليها قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي، يقول الله جل في علاه: (شفع النبيون وشفعت الملائكة وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط).

نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من أهل الشفاعة، وأن يؤهلنا لشفاعة نبينا فينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>