للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم نذر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من القبور]

أقول: من نذر أن يزور قبر النبي أو قبر إبراهيم، أو قبر موسى فهل يفي بنذره أم لا؟

الجواب

لا.

وسيأتي بيان ذلك.

وهذه مسألة متعلقة بسد الذرائع، وهي هل يجوز السفر أو النذر بزيارة قبر رسول الله أو لا؟ قبل الجواب أقول: لو أن امرأة نذرت وقالت: نذرت لله إن شفى مريضي لأزورن قبر، أو قالت: لأوزرن قبر إبراهيم، فهل هذا النذر يجب الوفاء به أم لا وقد قال الله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان:٧] فيجب على الإنسان إذا نذر نذراً أن يفي به؟ الجواب عما سبق: أنها إذا نذرت أن تذهب إلى المدينة، أو زيارة المدينة صح لها ذلك، أما إذا نذرت زيارة القبر فننظر إلى محل هذا النذر هل هو طاعة أم هو معصية؟ وعندي تأصيل علمي أصله لنا النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر الله أن يعصي الله فلا يعصه).

والجواب: أن ذلك النذر بشد الرحل لزيارة القبر معصية، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)، إذاً: لا تشد الرحال إلى قبر، ولا إلى مكان يعظم إلا ثلاثة مساجد.

فنقول: لو نذر الزيارة للقبر فقط دون المسجد فهذا قد عصى الله ورسوله، وقد وقع في تحريم النبي صلى الله عليه وسلم لشد الرحال إلى غير الثلاثة المساجد، فتكون معصية، فإن كانت معصية، فهو في الجانب الآخر: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه).

فهذه لا يجوز لها السفر إلى زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، سداً لذريعة الشرك؛ لأن النذر بالذهاب إلى قبر النبي فيه غلو في النبي وتعظيم له صلى الله عليه وسلم فوق قدره، وقد يصل به إلى الربوبية والألوهية كما بينا ذلك مراراً.

فهذه المسألة من أشهر المسائل، وجمهور الفقهاء يقولون: يجوز النذر بالسفر إلى المدينة، فهل يشمل هذا الأمر زيارة القبر أم لا؟ إذاً فجمهور الفقهاء قالوا: يجوز أن ينذروا ذلك وواجب عليهم الوفاء بهذا النذر، فنوجه قول الجمهور بتفصيل، وهو أن نقول: إن نذر أن يذهب إلى المدينة ليزور مسجد النبي صلى الله عليه وسلم جاز له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) وهو ذهب إلى المدينة لزيارة المسجد الحرام.

أما إذا نذر أن يذهب إلى المدينة ليزور قباء، أو يزور البقيع، أو يزور شهداء أحد، أو يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم فنقول له: لا تف بنذرك، بل يحرم عليك.

<<  <  ج: ص:  >  >>