للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم القسم بغير الله تعالى]

القسم بغير الله شرك، وهذا الشرك هل هو شرك أكبر أو شرك أصغر؟ هذا الذي سنبينه.

إن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن القسم بغير الله شرك، فقال: (من حلف بغير الله فقد أشرك).

وفي رواية: (من حلف بغير الله فقد كفر)، هذه رواية الحاكم أو غيره.

وأيضاً: النبي صلى الله عليه وسلم عندما سمع عمر وهو يحلف بأبيه فقال له: (من كان حالفاً فليحف بالله).

أو قال: (لا تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً فليحلف بالله)؛ ولذلك عمر قال: والله ما ذكرت ذلك آثراً ولا ذاكراً.

وكان عمر يحلف بأبيه، وكان أهل الجاهلية يفعلون ذلك تعظيماً للآباء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم زاجراً عمر: (لا تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله).

وقول عمر (منذ أن قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ما حلفت بغير الله ذاكراً ولا آثراً) أي: لم يذكر أنه أقسم بغير الله جل في علاه.

ولا آثراً: يعني لم يؤثر عن غيره القسم، يعني: ما حكى عن غيره أنه كان يقول: واللات والعزى، وذلك لتعظيم منزلة القسم.

وفي الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: لأن أحلف بالله كاذباً خير لي من أن أحلف بغير الله صادقاً.

لأن الحلف بالله كاذباً يعتبر معصية كبيرة، ولكن الحلف بغير الله يعتبر شركاً، فهذا الشرك أكبر من الكبيرة، مع أن الحلف بالله كاذباً معصية ليست بالهينة.

وكان ابن عباس يفسر قول الله تعالى: {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح:١٣] قال: يقول أحدهم: وحياتي وحياتك.

وهذا فيه دلالة على أن القسم بغير الله من الشرك، والشرك أعظم من الكبائر، والقسم بغير الله هل هو شرك أكبر أم شرك أصغر؟ القاعدة عند العلماء: أنه إذا جاء الشرك أو الكفر تنكيراً لا تعريفاً فهذه تدل على أنه شرك أصغر، وهذا في الأصل إلا أن يدل الدليل على أنه من الشرك الأكبر.

وإذا جاء معرفاً وقع على الشرك الأكبر ما لم تدل القرينة على أنه من الشرك الأصغر، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بين المرء والكفر أو الشرك ترك الصلاة) فهنا الكفر أو الشرك جاء معرفاً، فيكون الأصل فيه هو الكفر الأكبر والشرك الأكبر.

أما قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من حلف بغير الله فقد أشرك أو كفر)، فهو منكر، فالأصل فيه أنه كفر أصغر، وهذا هو الراجح الصحيح، أن القسم بغير الله شرك أصغر.

<<  <  ج: ص:  >  >>