للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ميراث الأب]

ونأخذ ميراث الأبوين فنقول: أما الأب فله حالات ثلاث: الحالة الأولى: يرث فيها بالفرض فقط.

وأولاً نقول: الأب لا يحرم من الميراث بحال من الأحوال، وهذه قاعدة لابد من ضبطها؛ فهو وارث وأصل أصيل، بل هو السبب في حياة المورث، فالأب لا ينقطع عن الميراث بحال، فهو يرث بالفرض ويرث بالتعصيب.

الحالة الثانية: يرث بالتعصيب.

الحالة الثالثة: يرث بالفرض والتعصيب.

فالحالة الأولى: يرث بالفرض عند وجود الفرع الوارث الذكر، فحتى نعطي الأب ميراثه أو فرضه السدس فقط يشترط وجود الفرع الوارث الذكر.

والدليل: قول الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء:١١] فيصير فرضه السدس إن وجد الفرع الوارث.

مثال ذلك: هلك هالك عن ابن وأب وأخت، فللأب في هذه الحالة السدس فرضاً؛ لوجود الفرع الوارث.

الحالة الثانية: يرث بالتعصيب، ويكون إرثه بالتعصيب عند عدم وجود الفرع الوارث، ودليله: قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء:١١]، فذكر فرض الأم وسكت عن الأب، يعني أن الباقي للأب، فإذا كان الميراث يقسم بين اثنين وواحد قيل له: خذ النصف وسكت، فمعنى هذا أن الثاني سيأخذ النصف.

مثال ذلك: رجل مات وترك أباً وأماً فللأم الثلث والباقي للأب.

ومثال ذلك أيضاً: رجل هلك عن أخت وأب وأم، فللأم الثلث والباقي للأب، وليس للأخت شيء؛ لأن الأخت من الحواشي وليست فرعاً وارثاً، ففي هذه المسألة لا يوجد فرع وارث، فيأخذ الأب الباقي تعصيباً بعدما يأخذ صاحب الفرض فرضه.

الحالة الثالثة: يرث بالفرض وبالتعصيب، وذلك عند وجود الفرع الوارث الأنثى.

وفي الحالة الأولى قلنا: إن الفرع الوارث يكون ذكراً، أو ذكراً وأنثى، يعني: مخلطين، ففي تلك الحالة ليس له إلا السدس بالفرض؛ لقول الله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء:١١].

مثال ذلك: هلك عن بنت وأم وأب، وعندنا قاعدة فرضية وهي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها) فنبدأ بأصحاب الفروض، (فما بقي فلأولى رجل ذكر).

ففي هذه المسألة البنت لها النصف والأم لها السدس، والأب له السدس فرضاً والباقي تعصيباً، ويكون أصل المسألة من ستة؛ البنت لها ثلاثة والأم لها واحد والأب له واحد، ويبقى واحد يرجع للأب تعصيباً.

فيكون قد ورث بالفرض وبالتعصيب.

وعلى هذا فنقول: في الحالة الثالثة نورث الأب بالفرض وبالتعصيب، وذلك عند وجود الفرع الوارث أنثى، أما لو وجد ذكر فلا يأخذ إلا السدس، فإن وجدت أنثى واحدة أو ثنتان أو ثلاث أو أكثر فإننا نورثهن بالفرض ثم يأخذ الأب بالفرض السدس والباقي يأخذه تعصيباً، لكن عند عدم وجود الفرع الوارث الذكر؛ لأن الفرع الوارث الذكر يقدم عليه في التعصيب.

والدليل على أنه يأخذ السدس قوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء:١١]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر) وأولى رجل ذكر هنا هو الأب؛ لأنه لا يوجد رجل يرث هنا إلا هو، فصار هو الأولى، ولو وجد أخ فنقول: لا يرث؛ لأن الأب أولى؛ لأننا رتبنا التعصيب ترتيباً معيناً وهو: بنوة، أبوة، أخوة، عمومة، فيصير الأب هو أولى رجل ذكر، فيأخذ الباقي تعصيباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>