للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالجملة: فمن جعل حاسة النكاح عارا. فقد ألحق العار بسائر الأنبياء والصديقين والصالحين وعباد الله أجمعين. وإن عارا يتلبس «١» به هؤلاء كلهم ليس بعار:/

وعيروني بذلي في محبتها ... وبالذي عيروني تم لي الشرف «٢»

[وإذ لولا هذه الحاسة لما وجد الأنبياء وشرائعهم، وإنما هي عار على معتقدها عارا، إذ لولا هذا العار لما صار إلى النار] «٣».

وأما ما ذكر من قصة الرجلين الذين أحرقهما ملك «٤» بابل، فلم أجده في الباب المذكور من كتاب ارمياء النبي، فإن كان المشار إليه برميا «٥» النبي، وأنه غير ارمياء، وإلا فلا أعلم صحة هذا النقل، على أنه بتقدير الصحة إنما افتضح هذان الرجلان بدعواهما الكاذبة وزناهما،/ لا بتعاطي شهوة النكاح.

على أني أحسب أن النقل اشتبه عليه، وأن المراد بالرجلين هاروت وماروت «٦». ولهما قصة عجيبة وردت بها السنة وذكرها أهل السير.


(١) في (أ):" وان عارا يتلبس ابليس هؤلاء كلهم ليس بعار".
(٢) لم أعرف قائل هذا البيت بعد البحث الكثير.
(٣) ما بين المعكوفتين ساقط من (أ).
(٤) في (أ): مالك بابل.
(٥) وفي (ش)، (م) ترميا، وفي الكامل برخيا كما سبق ص: ٢٦٦.
(٦) هاروت وماروت: قيل المراد بهما جبريل وميكائيل- عليهما السلام- وقيل رجلان اسم أحدهما هاروت والآخر ماروت كانا يعلمان السحر. وقيل: إنهما ملكان أنزلهما الله إلى الأرض وأذن لهما في تعليم السحر اختبارا لعباده وامتحانا ... وقيل: هما قبيلان من الجن. وقيل: علجان من أهل بابل. وذهب كثير من السلف إلى أنهما كانا ملكين من السماء، وأنهما أنزلا إلى الأرض فكان من أمرهما ما كان. وهو الراجح. وستأتي قصتهما- إن شاء الله- بعد قليل.
[انظر تفسير الطبري ١/ ٤٥٢ - ٤٥٩، وتفسير ابن كثير ١/ ١٣٧، وتفسير الشوكاني ١/ ١٢٢ - ١٢٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>