للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: أما ما ذكره ابن عطية وغيره من المفسرين فلسنا بصدد الجواب عنه، لأنا لسنا على يقين من صحته، وهم ليسوا معصومين. وإنما نحن بصدد الجواب عن القرآن الكريم، الصادر عن المعصوم «١» على لسان المعصوم بواسطة المعصوم «٢».

والجواب: أن ما ذكر في سورة النمل وغيرها من سور القرآن من الحكايات «٣» / والقصص والعجائب ممكن أخبر به الصادق. وكل ممكن أخبر به


(١) العصمة لغة: المنع يقال: عصمته عن الطعام: منعته عن تناوله، وعصمته من الكذب أي منعته منه، ومنه قوله تعالى: قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وحالَ [هود، آية: ٤٣] أي لا مانع. وفي الحديث الذي رواه البخاري في الإيمان باب ١٧ ومسلم في الإيمان حديث ٣٤ - ٣٦، وغيرهما" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم الا بحقها وحسابهم على الله" أي منعوا مني دماءهم.
وهي في الاصطلاح: حفظ الله لأنبيائه ورسله عن الوقوع في الذنوب والمعاصي وارتكاب المحرمات. [النبوة والأنبياء للصابوني ص ٥٣، ٥٤، ولسان العرب ١٣/ ٤٠٣ - ٤٠٤].
قلت: ومن هذا التعريف يظهر أن لفظ" معصوم" اسم مفعول من عصم ويدل على أن غيره عصمه فاطلاقه في حق الله غير صحيح، لأنه هو العاصم لغيره سبحانه، وإن كان كثير من العلماء يطلقونه على أنه صاحب الكمال سبحانه الذي لا صدر منه كذب ولا نقص، ولكن الأولى عدم اطلاق لفظ" معصوم" على الله لما ذكرنا. والله أعلم.
(٢) جبريل عليه السلام.
(٣) الحكايات: جمع حكاية من حكيت الشيء حكاية إذا أتيت بمثله على الصفة التي أتى بها غيرك فأنت كالناقل. [انظر لسان العرب ١٤/ ١٩١ والمصباح المنير ١/ ١٧٦] قلت: والحكاية تستعمل عادة في الأخبار غير الصحيحة أو التي سمعت من الناس دون معرفة صحتها. وهذا لا يليق أن نعبر به عما في كتاب الله من الأخبار الموحى بها. والمؤلف هنا قال حكايات تنزلا لا موافقة للنصراني. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>