للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أنه «١» ذكر في التوراة أن يعقوب بقي بمصر يبكي عليه سبعين يوما «٢». ولو بقي ذلك القدر غير مدفون لأنتن وأراح «٣» إذ هو بشر على كل حال وذلك إهانة للميت.

ولهذا جاء في شرعنا: أن من إكرام الميت أن يبادر بدفنه، فدل على أنهم دفنوه حتى انقضت مناحتهم «٤»، ثم استخرجوه فنقلوه إلى آبائه. وحينئذ لا يكون نقله منافيا لدفنه حيث مات.

فإن قيل: لعلهم صبروه «٥» حتى مكث تلك المدة ولم يحتج إلى دفن.

قلنا: هذا لم ينقل في صورة التوراة ولا غيرها ومجرد احتماله لا يكفي في التصديق به. وما ذكر فيها من تحنيطه لا يدل على تصبيره، إذ كل الموتى يحنطون عند الإمكان «٦».


(١) أنه: سقطت من (أ).
(٢) القصة في سفر التكوين آخر اصحاح منه حسب التراجم الحديثة، وفيها أنه بقي يبكي عليه أربعين يوما. وهذا دليل على تحريفهم التوراة بعد زمن المؤلف أيضا.
(٣) أراح: من راح: أي وجد ريحه. [انظر مختار الصحاح ص ٢٦٢].
(٤) المناحة: الاجتماع للحزن. [انظر لسان العرب ٢/ ٦٢٧، ومختار الصحاح ص ٦٨٤].
(٥) هو من التصبير: وهو وضع الصّبر: أو الصّبر، على جسد الميت لتجفيف الرطوبات وتنشيفها.
والصّبر: نبات كثير الماء في خضرته غبرة ... ويقال: إن ثمود لما استيقنوا بالعذاب تكفنوا بالأنطاع- نوع من الأدم- وتحنطوا بالصّبر لئلا يجيفوا وينتنوا، وتضمد به العينان. [انظر لسان العرب ٤/ ٤٤٢، ٧/ ٢٧٨، وشرح صحيح مسلم ٨/ ١٢٤].
(٦) التحنيط: وضع الحنوط على جسد الميت: والحنوط: طيب يخلط للميت خاصة، وقيل:
الكافور. استدل بعض العلماء على تحنيط الميت بمفهوم الحديث الذي أخرجه البخاري في الجنائز، باب الحنوط للميت، ومسلم في الحج حديث ٩٤ وغيرهما في قصة المحرم الذي سقط-

<<  <  ج: ص:  >  >>