للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[نسخ شريعة محمد- صلى الله عليه وسلم- لشرائع الأنبياء قبله]]

وأما شرائع الأنبياء المتقدمين. فأحكامها قسمان:

ما ورد شرعنا بنسخه فليس حجة علينا، ولا شرعا لنا.

وما لم يرد شرعنا بنسخه، فهل هو شرع لنا أم لا؟ فيه قولان للمسلمين «١».


(١) شرائع من قبلنا ثلاثة أقسام:
الأول: ما لا يعلم إلا بقولهم كما في لفظ ما بأيديهم من الكتب، فلا يلزمنا لأنه غير مأمون من التحريف،:" لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ... ".
الثاني: ما علم بشرعنا وأمرنا به وشرع لنا، فهذا لا خلاف في أنه شرع لنا، كما في قوله تعالى:
وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ... الآية [سورة المائدة: ٤٥].
الثالث: ما دل شرعنا على أنه كان مشروعا لهم ولم يأمرنا به ولم يرد في شريعتنا ما يناقضه، مثل قوله تعالى: ولِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وأَنَا بِهِ زَعِيمٌ [سورة يوسف: ٧٢]. فيستدل به على جواز الضمان، وكذلك قوله: عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ [سورة القصص: ٢٧] يستدل بها على جواز الإجارة. وهذا للأصوليين فيه قولان:
أحدهما: أنه شرع لنا، واستدل أصحابه بقوله تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً والَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ ومُوسى وعِيسى ... الآية [سورة الشورى: ١٣] وقوله تعالى: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ ... [سورة الحج: ٧٨] تقديره اتبعوا ملة أبيكم إبراهيم بالإضافة إلى ما سبق. ورد هذا الاستدلال بأن المقصود قواعد العقائد لا جزئيات الفروع، لأنها هي التي وقع الاشتراك فيها بين الأنبياء كلهم، وكذلك القواعد الكلية من الفروع أما جزئيات المسائل فلا اشتراك فيها، بل هي مختلفة في الشرائع.
ثانيهما: أنه ليس شرعا لنا. واحتجوا بأنه لو كان- عليه السلام- متعبدا بشرع من قبله لوجب عليه مراجعة تلك الكتب، ولا يتوقف إلى نزول الوحي لكنه لم يفعل ذلك. بل عاب-

<<  <  ج: ص:  >  >>