للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حكي في مناقب" معروف الكرخي «١» " أنه كان يمر عليه اليهود، يوم السبت إلى" الكنيسة" فقال في نفسه: إن هؤلاء يكفرون بالله في هذا اليوم كفرا عظيما، فلأخالفنهم بأن أقطع هذا اليوم بالصلاة والصوم فجازاه الله على ذلك بأن جعل زيارته يوم السبت، فيهرع إلى ضريحه خلق عظيم فيه على الخصوص «٢».

ولأن وفاق الكفار بالصلاة عند طلوع الشمس بالصورة الفعلية وخلافهم بالقصد والنية لأنهم يعبدون الشمس ونحن نعبد الله وقد قال الله تعالى «٣»:


(١) أبو محفوظ: معروف بن فيروز الكرخي الزاهد المتصوف، من موالي علي بن موسى الرضي الكاظم. ولد في كرخ ببغداد، ونشأ بها، وكان أبواه نصرانيين، فأسلماه إلى مؤدبهم فكان المؤدب يقول: قل إن الله ثالث ثلاثة. فيقول معروف: بل هو الواحد، فيضربه المؤدب ضربا شديدا ويصيح معروف: أحد أحد. حتى ضربه يوما ضربا عظيما فهرب على وجهه. فكانت أمه تبكي وتقول: لئن رد الله عليّ ابني معروفا لأتبعنه على أي دين كان. فقدم معروف بعد سنين فسألته أمه عن دينه فقال: الإسلام. فأسلمت وأسلم أبوه وإخوته. توفي- رحمه الله- ببغداد سنة مائتين وقيل غير ذلك.
[انظر تاريخ بغداد ١٣/ ١٩٩، وسير أعلام النبلاء ٩/ ٣٣٩، وصفة الصفوة ٢/ ٣١٨، وشذرات الذهب ١/ ٣٦٠].
(٢) لم أعثر على هذه المنقبة فيما بين يدي من المراجع، لكن لعل الطوفي نقلها مما كتبه ابن الجوزي في مناقب معروف فقد كتب في ذلك أربع كراريس. [انظر سير أعلام النبلاء ٩/ ٣٤٣].
قلت: زيارة قبر معروف يوم السبت ليست منقبة له لأن زيارة قبور الصالحين للتبرك بها غير جائزة وهي فعل مذموم إلا إذا كانت الزيارة للاتعاظ والاعتبار وتذكر الموت وتذكر جهاد الصالحين منهم الذين جاهدوا في الله حق جهاده والسلام عليهم والدعاء لهم. أما قصد القبور لغير ذلك فلا يجوز. والله أعلم.
(٣) عبارة:" لأنهم يعبدون ... قال الله تعالى" كررها الناسخ بعد قوله تعالى" ولا للقمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>