للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[واجبنا تجاه ظاهرة تقليد الكفار ومشاركتهم في أعيادهم]

قد يقول قائل: ما العمل؟ مع أن المسألة سهلة في الحقيقة وفي نظري؛ لأن الأمر واضح، فحكم الله في هذا الأمر واضح، والنصوص والآيات والأحاديث وأحكام الشرع التي بينها العلماء واضحة، والمسلم بحمد الله لم يصل إلى درجة أن يغصب أو يكره لأن يعمل هذه الأعمال التي فيها مشاركة للكفار، فما بقي إلا العزم الصادق لكل مسلم بأن يتجنب الكفار في أعيادهم، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اجتنبوا أعداء الله في أعيادهم.

فالمسألة مسألة عزم وصدق نية، وتوبة إلى الله سبحانه وتعالى لمن يمارس ذلك، هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى: لا بد من المناصحة عموماً، وأذكر شيئاً من ذلك -أي: من باب المناصحة في هذا الأمر- لإزالة مظاهر تقليد الكفار في أعيادهم بقدر الجهد والاستطاعة.

أولاً: بيان أن مقتضى النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم واجبة شرعاً، سواء بالمحاضرات أو الندوات أو الكتب، أو كل ما يملك المسلم من الوسائل المشروعة المتاحة، فيجب البيان، وبالبيان تقوم الحجة وتبرأ الذمة؛ لأن هناك ممن يقع في هذه المحظورات بسبب جهله، وهناك من يستضعف المؤمنين ويستضعف أهل الحق، وهناك من الفساق والفجار من يستغفل الناس ويستغفل أهل العلم ويستغفل المسلمين، فإذا وجد الإنكار ووجد البيان وأقيمت الحجة، فإنه بهذا سيرتدع من في قلبه مرض بإذن الله.

إذاً: لا بد من قطع دابر هذه البدعة والضلالة بين المسلمين، وتحذير المسلمين من فعلها، وبيان الحكم الشرعي منها على وجه التفصيل بكل وسيلة، وبيان أحكام الولاء والبراء التي تميز المسلم بسلوكه وبعقيدته وبشريعته وبعيده وبنهجه، وباستقلاليته وشخصيته، وهذه بحمد الله -أي: نصوص الولاء والبراء- واضحة في الكتاب والسنة، وما علينا إلا أن نبينها ونشرحها، وأن نربي عليها المسلمين خاصة الأجيال الناشئة.

ثم أيضاً النصح لمن يقع في مشاركة الكفار في أعيادهم جهلاً منه؛ لأنه ربما -وهذا أمر واقع- يكون بعض من يشارك الكفار يشاركهم عن جهل، وربما لم تبلغه الأحكام الشرعية، أو ظن أن هذه من المسائل العادية التي لا تتنافى مع الشرع، فلا بد من نصح هذا الصنف بأفرادهم وبأعيانهم، سواء من الجيران أو زملاء العمل، أو من نراه من المسلمين من يقع في هذا المحظور، فعلينا أن ننصحه ونبين له أن هذا لا يجوز، وأنه محظور يتنافى مع العقيدة ومع الشريعة، ومع ما أمر الله به.

وقد تكون هناك طائفة من الفساق والفجرة يصرون على هذا المنكر رغم البيان وإقامة الحجة، فهؤلاء لا بد أن يرفع أمرهم لولاة الأمر؛ لأن فعلهم هذا ممنوع شرعاً، وبالتبع فهو ممنوع نظاماً في هذا البلد.

فإذاً: من يمارس هذا العمل علناً ويتبجح به من الفساق أو الفجرة فعلينا أن نبين أمره للمسئولين.

وعلى هذا فأرى ضرورة تتبع ما يظهر من بعض المؤسسات وبعض الجهات، وبعض الشركات التي تعمل هذا العمل، من إتاحة الفرصة للكافر بإعلان أعيادهم والاحتفال بها، ثم أيضاً مشاركتهم وإتاحة الفرصة للمسلمين في مشاركتهم، أو التغاضي عن هذا مع ظهوره، إما في مقر العمل أو في الإسكانات، ولا يلزم أن تكون المسئولية فقط في مقر العمل، بل نقول: إن لصاحب المؤسسة أو الشركة أن يمنع الكفار من إظهار أعيادهم، ويمنع المسلمين من مشاركتهم، ويبين للكفار أن هذا لا يجوز، وأنه يتنافى مع دين البلد وتقاليدها ونظامها، والذي أعرفه أن من أنظمة العقود مع غير المسلمين بيان هذا الأمر لهم، وأن النظام عندنا في هذا البلد -بحكم عملها بالكتاب والسنة في كثير من الأمور- أنها تشترط على المتعاقد غير المسلم أن يراعي دين البلاد وتقاليدها وظروفها، وهذا شرط مسبق، إلا إذا كانت بعض الدوائر تتساهل.

فإذاً علينا أن نقيم هذا النظام، وأن نتتبع من يخالفه، ونبلغ المسئولين والجهات المعنية بأي مخالفة أو تجاوز؛ لأن هذه المسألة مع الأسف استفحلت وظهرت، حتى رؤي في بعض المؤسسات وبعض الشركات إعلانات بالخط العريض عن بعض أعياد الميلاد، وتوزع البطاقات والكروت بالتهنئة للكافر بأعيادهم، وهذا أمر عظيم وشر مستطير لا بد من القضاء عليه قبل أن يستفحل.

ثم لا بد أيضاً من استئناف الطلب من الجهات الرسمية بالتأكيد على الكفار بألا يعملوا على إظهار أعيادهم، وأن يراعوا دين الأمة وتقاليدها وعاداتها الطيبة، والذي أعرفه أنه حتى في الأنظمة الدولية مع أننا لسنا بحاجة إلى أن نشير إليها، لكن أقول -مع الأسف-: حتى في الأنظمة الدولية ما يشير إلى مراعاة أوضاع كل بلد من قبل الوافدين عليه، فكيف ونحن المسلمون الذين نحن أحق من غيرنا بأن نظهر الحق الذي عندنا، وأن نكبت الباطل، وألا يتجاوز أحد هذا الحد؛ لأن فيه صغاراً وذلاً على المسلمين، وفيه حرباً على الإسلام وأهله.

فإذاً: لا بد من إعادة استئناف الطلب من الجهات الرسمية بالتأكيد على الكفار بألا يعلنوا أعيادهم، وألا يسمحوا للمسلمين بمشاركتهم، وألا يكون هناك شيء من التجاوزات التي تتنافى مع دين البلد وعاداتها الطيبة.

وأخيراً: فإنه على كل مسلم أن يبذل جهده في محاربة مثل هذه البدع

<<  <  ج: ص:  >  >>