للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أرجى آية في القرآن]

الأمر الثاني: كان أبو بكر رضي الله تعالى عنه وأرضاه ينفق على مسطح؛ لأن مسطحاً كان فقيراً، فلما ثبت لدى أبي بكر براءة ابنته وأن مسطحاً كان ممن خاض في حديث الإفك أقسم ألا ينفق على مسطح، وذنب مسطح أنه وقع في عرض النبوة، وهو ذنب يحط النجم من قدره كما يقول العلماء، ومع ذلك عاتب الله أبا بكر لأنه حرم مسطحاً مما كان يعطيه، قال الله: {وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا} [النور:٢٢]، فذكر الله جل وعلا ذووا القربى، فهذه الآية قال بعض العلماء: إنها أرجى آية في كتاب الله، لماذا أرجى آية في كتاب الله؟ إن الله جل وعلا سمى مسطحاً مؤمناً ومهاجراً ولم يحبط الله جهاد مسطح وهجرته، مع أن مسطحاً وقع في كبيرة من أعظم الكبائر وهو الخوض في بيت النبوة، ومع ذلك لم يحبط الله جل وعلا عمله، وأمر أبا بكر أن يبقى على صلته له، فإذا كان هذا ذنب مسطح ومع ذلك لم يحبط الله عنه عمله السابق إذاً فهذا الآية من أعظم آيات الرجاء.

وبعض العلماء يقول: إن أرجى آية في كتاب الله هي قول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة:٢٨٢] آية المداينة، وهي أطول آية في كلام الله، قال الفقهاء والعلماء والمفسرون: إن هذه الآية فيها دلالة واضحة على عناية الله جل وعلا بمال المؤمن في الدنيا فكيف بعناية الله جل وعلا بالمؤمن في يوم القيامة يوم يكون أحوج ما يكون إلى رحمة ربه.

وذهب فريق آخر إلى أن أرجى آية في كلام الله هي قول الله جل وعلا: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} [فاطر:٣٢ - ٣٣]، قالوا: إن واو الجماعة في قول الله جل وعلا: ((يَدْخُلُونَهَا)) تعود إلى الظالم نفسه وإلى المقتصد وإلى المحسن السابق في الخيرات، حتى قال بعض العلماء: إن هذه الواو ينبغي أن تكتب بماء العينين لا بماء الحبر.

هذا ما تيسر إيراده في هذا اللقاء المبارك حول قول الدكتور ناصر الزهراني في مدح النبي صلى الله عليه وسلم: ما أعظم الخطب فالعرض الشريف رمي والقصيدة زاخرة بكثير من المعاني، وسنعلق ونواصل التعليق عليها في اللقاء القادم إن شاء الله.

وصلى الله على محمد، والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>