للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(ألا له الخلق والأمر)]

ثم قال جل وعلا: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف:٥٤]، فمن خلقه جل وعلا كل مخلوق خلقه الله.

أما أمره فالمقصود به: غير الخلق، كإنزاله القرآن تبارك وتعالى، وهذا المقطع من الآية مما احتج به أهل السنة -سلك الله بنا وبكم سبيلهم- على أن القرآن منزل غير مخلوق، ثم قال جل شأنه: {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:٥٤]، وهذا اللفظ -أيها المؤمنون- لا يقال لغير الله، لا يقال لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لأحد من أولياء الله الصالحين: (تبارك)، وإنما يقال ويصرف فقط لله جل وعلا وحده دون سواه: {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:٥٤].

ولما أثنى الله على نفسه، وأخبر عن بعض كمال صفاته جل شأنه دعا عباده جل وعلا إلى أن يدعوه ويرجوه، قال جل وعلا: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف:٥٥]، فأمر الله جل وعلا بدعائه وسؤاله جل وعلا: لا تسألن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تغلق وينبغي على المرء أن يسأل ربه وحده ويلجأ إليه، ألا وإن من جوامع أدعيته -صلوات الله وسلامه عليه- أنه كان يقول: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)، وكان يقول: (اللهم يا مقلب القلوب! ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرف القلوب والأبصار! صرف قلوبنا إلى طاعتك، كما كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من المأثم والمغرم، والجبن والكسل، ومن غبن الرجال).

جعلني الله وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>