للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عدم تنافي الدعوة إلى المسارعة إلى الخير والنهي عن الحسد وبيان الفرق بين الحسد والغبطة]

المقدم: سائل يسأل عن قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران:١٣٣]، و {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة:١٤٨] كيف الجمع بين ذلك مع نزع لعملية الحسد.

الجواب

هو طبعاً الحسد مركب في كل جسد يقيناً، لكن الله جل وعلا قيد قال: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق:٥]، وأما إذا تغلب الإنسان على حسده بالتقوى فقد أصبح وكل اعتصم بالله وتوكل عليه، وعلم أن الفضل بيده نجاه الله جل وعلا من أن يتلبس بالحسد؟ ويسأل عن الفرق بين الغبطة والحسد؟ الجواب: الغبط والحسد تأتي على عدة معاني أو طرائق على النحو التالي: إذا تمنى الإنسان زوال النعمة أو تمناها لنفسه مع زوالها عن أخيه فهذا حسد، وإذا تمناها لنفسه مع عدم تمني أن تزال عن أخيه أو عن أخته فهذه غبطة، لكن هل تكون غبطة مذمومة، أو تكون غبطة محمودة، أو مندوبة، هذا يكون حسب الأمر المغبوط عليه، فمثلاً: هناك شخص ذو مال وثري، وآخر غير ثري، فهذه مسألة دنيوية، فكوني أتمنى لنفسي مالاً مثل الذي عندك هذا ما نقول إنه محمود، وإنما هو مباح.

وإذا كنت على مستوىً عالٍ من الفضل والتقوى، فتمنيت أن أكون مثلك دون أن تنزع منك، فهذه غبطة محمودة مندوبة؛ لأنها داخلة في المسابقة للخيرات، والمنافسة في الطاعات، وأما الأولى فهي دنيوية محضة، فنقول عنها: إنها مباحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>