للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم اجتماع الجمعة والعيد في يوم]

السؤال

اجتمع العيد والجمعة هذه السنة، وكثرت التساؤلات عمن صلى صلاة العيد هل يجب عليه أن يصلي صلاة الجمعة؟

الجواب

للعلماء ثلاثة أقوال: القول الأول: يقول بأنه إذا اجتمع عيد مع الجمعة في يوم واحد كما حصل في عامنا هذا فإنه يبقى العيد عيداً مفروضاً على القول بأنه فرض عين أو سنة مؤكدة، والجمعة تبقى كما هي واجبة، وهذا ينسب إلى جمهور العلماء وهو قول الشافعية والمالكية والأحناف.

القول الثاني: أن من شهد صلاة العيد لم تجب عليه صلاة الجمعة، وهذا القول هو قول الحنابلة وبعض السلف.

ودليلهم على هذا حديث إياس بن أبي رملة الشامي أنه قال: (شهدت معاوية رضي الله عنه وأرضاه في الشام يسأل زيد بن أرقم رضي الله عنه وأرضاه عن كيف صنع النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتمع عيدان -يقصد عيد الفطر أو الأضحى ويوم الجمعة- فأخبره زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد ورخص لمن شهد العيد في الجمعة).

من هنا أخذ الفقهاء كما هو مذهب الإمام أحمد ومن تبعه ومن كان قبله أن الإنسان إذا شهد صلاة العيد لا تصبح الجمعة في حقه واجبة إلا الإمام؛ لأن الإمام إذا سقطت عنه لا يتأتى بعد ذلك لغيره أن يصليها.

ولقوله صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن ماجة عن أبي هريرة أنه قال: (وإنا مجمعون)، أي: أنه صلى الله عليه وسلم صلاها.

القول الثالث: وهو ما نقله أبو داود في سننه عن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما أنه جمع ما بين العيد والجمعة بكرة ركعتين، ثم لم يخرج للناس إلا مع صلاة العصر أي: أنه لم يصل الظهر.

فروي أن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أخبر بفعل ابن الزبير هذا فقال رضي الله عنه وأرضاه: أصاب السنة، أي: أن ابن الزبير أصاب السنة، وهذا قول له وجهه وله قوته، لكن الإشكال وهو أنه لم يصل الظهر ولا الجمعة.

هذا الإشكال وجهه الخطابي كما نقله ابن قدامة في المغني أنه محمول على من يرى أن الجمعة تؤدى قبل الزوال فيكون ابن الزبير لم يصل العيد وإنما قدم الجمعة فلما قدم الجمعة سقط الظهر، على خلاف قول الحنابلة الأول في أنه لابد أن يصلي الظهر، فكونه لا تجب الجمعة في حقه لا يعني ذلك سقوط صلاة الظهر عنه.

وحل الإشكال من جانب الخطابي رحمة الله تعالى عليه بهذه الطريقة قوي جداً.

هناك تعليق علمي رصين لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله تعالى عليه، فإنه اختار ابن تيمية الرأي الثاني وهو أنه يرخص في ترك الجمعة لكن لا يترك الظهر، ثم عقب على ذلك بقوله: لأنهما عبادتان من جنس واحد اجتمعتا ودخلت إحداهما في الأخرى ثم قال: وإن إيجاب الجمعة على من صلى العيد فيه تضييق على الناس في يوم عيدهم؛ والأصل في العيد السعة والانبساط والسرور.

السؤال: القول الثاني إذا كان له وجاهته على التوجيه الذي ذكرت، وهو أن من صلى الجمعة قبل الزوال تسقط عنه صلاة الظهر؛ لكن هذه الفتوى هل لها وجاهة في هذا الزمن؟ الجواب: هذا قول الخطابي؛ لكن بعض الفقهاء يقول: إنه إذا صلى العيد أغنت عن الجمعة وبما أنها أغنت عن الجمعة فلا حاجة إلى أن يصلي الظهر؛ باعتبار كأنه صلى الجمعة وإن أخذ به أفراد من العلماء؛ لكن القاعدة العامة أنه تحترم آراء الفقهاء والعلماء، وقد قال بهذا علماء أجلاء سبقونا إلى ربنا، ولكن لا حاجة للتسمية، وأقول دائماً كما قال الشاطبي: وواجب عند اختلاف الفهم إحساننا الظن بأهل العلم

<<  <  ج: ص:  >  >>