للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوفاء والحنين إلى الوطن]

الملقي: ومن صور الوفاء أيضاً الوفاء للأهل، والوفاء للأوطان كما قيل لأحد الحكماء: كيف تعرف وفاء الرجل؟ قال: بحنينه لأهله.

وإذا كنتم ستتحدثون عن الوفاء للأوطان والديار فأتمنى منكم أن تتعرضوا لما تعرضت له بلادنا وبعض البلدان العربية من الخيانة والغدر، وما لهذه البلاد المباركة التي مدت يد العون من فضل بعد الله عز وجل؟ الشيخ: أحياناً تنشأ ثقافات غير شرعية، ومن الثقافات غير الشرعية أن بعض الناس يعتقدون أن حب الوطن ليس من الإيمان، وإذا قلت له حب الوطن من الإيمان قال: حديث ضعيف لم يصح.

نعم لم يصح لفظاً لكن له معنى صحيح، قال الله جل وعلا: {وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} [البقرة:٢٤٦]، فقدم الله الديار على الأبناء ثم قال الله جل وعلا: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ} [النساء:٦٦]، فجعل الخروج من الديار كقتل النفس، على هذا يقال: ينبغي أن يؤصل أن حب الأوطان شيء مغروس في قلوب كل شريف.

وحبب أوطان الرجال إليهم مآرب قضاها الشباب هنالكا إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا لكن

السؤال

متى يحن الإنسان لوطنه، ومتى يجب عليه الوفاء؟ يجب عليه الوفاء متى قدر، لكن الحنين إلى الوطن يكون إذا ابتعد الإنسان، فالحنين شيء والوفاء شيء آخر، فالوفاء أن يسعى الإنسان في إثراء بلده، وفي تعريف الناس ببلده وما إلى ذلك من أمور، ومع هذا فالوفاء لا يكون إلا إذا حن إليها، يقولون: إن الصمة القشيري أحد شعراء عصر بني أمية أراد أن يتزوج ابنة عمه فوقع ما بين خذلان أبيه وطمع عمه، فاضطر الشاعر أن يخرج من أرض نجد إلى ديار الشام، فحن إلى محبوبته ريا وحن إلى تلك الديار وتذكر أيام طفولته، وتذكر المصطفاف والمتربع فقال: حننت إلى ريا ونفسك باعدت مزارك من ريا وشعباكما معا تلفت نحو الحي حتى وجدتني تعبت من الإصغاء ليتاً وأخدعا بكت عيني اليمنى فلما زجرتها عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا قفا ودعا نجداً ومن حل بالحمى وقل لنجد عندنا أن يودعا فليست عشيات الحمى برواجع عليك ولكن خل عينيك تدمعا هذا ما ذكر في حب الأوطان ولنا فيه استفاضة ستأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>