للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سبب نزول قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة)]

قال الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:٩]، هذه الآية يمكن الكلام عنها من وجهين: الوجه الأول: أنها نزلت خصوصاً في قافلة أتت من الشام قادها دحية الكلبي رضي الله عنه وأرضاه، فانصرف الناس عن الجمعة -والظاهر أن هذا كان في أول الإسلام- يبتغون تلك الأموال فأنزل الله تلك الآية.

الوجه الثاني: أن يوم الجمعة يوم يجتمع الناس فيه، فقال الله جل وعلا: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:٩]، تذكرة بأمر أعظم وهو أنه سيأتي يوم عظيم يجتمع الناس فيه وهو يوم المعاد، وهذا اليوم نعته الله جل وعلا بقوله: {لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة:٢٥٤]، فيترك الإنسان البيع في الدنيا ويلجأ إلى الله في مثل هذا اليوم العظيم تذكرة لنفسه باليوم الذي يغدو الناس فيه بين يدي رب العالمين، والإنسان لا بد أن يكون له باعث من نفسه.

وما عاتب الحر الكريم كنفسه والمرء يصلحه الجليس الصالح لا بد أن يكون في الإنسان ناصح من نفسه، فإذا خرج الناس من أي جامع تقام فيه صلاة الجمعة أشتاتاً إلى أماكن عدة تذكر الواحد أنه سيأتي يوم ينصرفون فيه من أرض المعاد، لكنهم لا ينصرفون إلى أمكنة متفرقة، وإنما ينصرفون إلى دارين، قال الله: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى:٧].

فكلما خرجت من الجامع الذي تصلي فيه الجمعة فتمن بهذا العمل أن تنصرف يوم القيامة إلى رياض جنته، فالمؤمل أن الإنسان يحتسب العمل، ويوظف نفسه للطاعة، ويحتسب الأجر، ويتذكر أيام الله جل وعلا، ويربط بين ما كلفه الله به شرعاً في الدنيا وما كلفه به في الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>