للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثم قلت له: أريد أن أسألك عن مسألتين لا تستطيع أهل الشيعة الجواب عنها.

فقال: وما هما؟

قلت: الأولى: كيف حكم الصحابة عند الشيعة؟

فقال: ارتدوا (إلا خمسة: عليا والمقداد وأبا ذر وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر) حيث لم يبايعوا عليا على الخلافة.

قلت: إن كان الأمر كذلك فكيف زوج علي بنته أم كلثوم من عمر بن الخطاب؟

فقال: إنه مكره؟

قلت: والله إنكم اعتقدتم في علي منقصة لا يرضى بها أدنى العرب، فضلا عن بني هاشم الذين هم سادات العرب وأكرمهما أرومة وأفضلها جرثومة وأعلاها نسبا وأعظمها مروءة وحمية وأكثرها نعوتا سنية، وإن أدنى العرب يبذل نفسه دون عرضه، ويقتل دون حرمه، ولا تعز نفسه على حرمه وأهله، فكيف تثبتون لعلي، وهو الشجاع الصنديد ليث بني غالب أسد الله في المشارق والمغارب، مثل هذه المنقصة التي لا يرضى بها أجلاف العرب؟ بل كم رأينا مَن قاتل دون عياله فقتل؟

قال: يحتمل أن تكون زفت لعمر جنية (١) تصورت بصورة أم كلثوم؟

قلت: هذا أشنع من الأول، فكيف يعقل مثل هذا؟ ولو فتحنا هذا الباب لانسد جميع أبواب الشريعة حتى لو أن الرجل جاء إلى زوجته لاحتمل


(١) أورد القطب الراوندي عن عمر بن أذينة قال: «قيل لأبي عبد الله - عليه السلام -: إن الناس يحتجون علينا ويقولون إن أمير المؤمنين - عليه السلام - زوج فلانا [أي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -] ابنته أم كلثوم، وكان متكئا فجلس وقال: أيقولون ذلك، إن قوما يزعمون ذلك لا يهتدون إلى سواء السبيل، سبحان الله ما كان يقدر أمير المؤمنين - عليه السلام - أن يحول بينه وبينها فينقذها، كذبوا لم يكن ما قالوا: إن فلانا [عمر - رضي الله عنه -] خطب إلى علي ابنته أم كلثوم، فأبى علي - عليه السلام -، فقال للعباس: والله لئن لم تزوجني لأنتزعن منك السقاية وزمزم، فأتى العباس عليا فكلمه، فأبى، فألح العباس، فلما رأى أمير المؤمنين - عليه السلام - مشقة كلام الرجل على العباس، وأنه سيفعل بالسقاية ما قال، أرسل أمير المؤمنين - عليه السلام - إلى جنيّة من أهل نجران يهودية يقال لها (سحيفة بنت جريرية)، فأمرها فتمثلت في مثال أم كلثوم وحجبت الأبصار عن أم كلثوم، وبعث بها إلى الرجل فلم تزل عنده حتى أنه استراب بها يوما فقال: ما في الأرض أهل بيت أسحر من بني هاشم، ثم أراد أن يظهر ذلك للناس فلما قتل حوت الميراث وانصرفت إلى نجران، وأظهر أمير المؤمنين أم كلثوم». الخرائج والجرائح: ٢/ ٨٢٥؛ المجلسي، بحار الأنوار: ٤٢/ ٨٨.

<<  <   >  >>