للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بين يدي تفسير سورة المزمل]

الحمد لله رب العالمين، الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ، خلق الإنسان من سلالة من طين، ثم جعله نطفة في قرار مكين، ثم خلق النطفة علقة سوداء للناظرين، ثم خلق العلقة مضغة بقدر أكلة الماضغين، ثم خلق المضغة عظاماً كأساس لهذا البناء المتين، ثم كسا العظام لحماً هي له كالثوب للابسين، ثم أنشأه خلقاً آخر، فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، بيده الخير، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وأشهد أن نبينا ورسولنا محمداً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فما ترك من خير يقربنا من الجنة إلا وأمرنا به، وما من شر يقربنا من النار إلا ونهانا عنه، فترك الأمة على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه في الأولين والآخرين، وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين.

ثم أما بعد: فيا أيها الإخوة الكرام الأحباب! لقاؤنا اليوم بحول الله وفضله وتوفيقه ينقسم إلى قسمين: في اللقاء الأول نعيش مع مطلع سورة المزمل، وفي اللقاء الثاني نلقي النظر على قضية تعقد لها المؤتمرات، وترصد لها ملايين الدولارات، وتعد فيها الأبحاث من أهل العلم ومن سواهم، وتكثر فيها الآراء إلا وهي: قضية ختان الإناث، وربما يسأل سائل وله أن يسأل: لم لم تطرح قضية ختان الذكور على طاولة البحث والمفاوضات؟

و

الجواب

أن هذا لسبب واحد رئيسي وهو أن الختان للذكور مشروع عند اليهود، فاليهود تختن ذكورها، فلا يجوز لأحد أن يناقش قضية يفعلها اليهود؛ لأنهم هم الذين يحركون لنا القضايا، من آخر الأمر أبحاث علمية سأذكرها لكم فضلاً عن مؤتمر عقد بسويسرا يحمل هذا العنوان: تشويه المرأة جنسياً، يسمون عمليه الختان: تشويهاً، واصطحبت معي كتاباً صغيراً لشيخ الأزهر السابق فضيلة الشيخ: جاد الحق سأقرأ منه نصوصاً؛ حتى ألقم المخالف حجراً في جوفه، وهذه النصوص من مذهب الشافعية، والمالكية، والأحناف، والحنابلة، والظاهرية، ورأي أئمة العلم، وفقهاء الأمة، وماذا قالوا، هل هو مشروع أم ليس له أصل في الشرع؟ والحقيقة أن الأمر في هذه القضية واضح بين، ولكن لها أيد تحركها لمصالح وحسابات، سأذكر طرفاً منها.

أيها الإخوة! وحتى لا نقطع الحديث مع كتاب الله سبحانه وتعالى نعود إلى سورة المزمل، ونبدأ مع آياتها الأولى بحول الله وفضله وتوفيقه، يقول ربنا سبحانه: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا * إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا * وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا * رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا * وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا * وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا * إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا وَجَحِيمًا * وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا * يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا * إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا * فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا * السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا} [المزمل:١ - ١٨].

نكتفي بهذا القدر من هذه السورة المباركة سورة المزمل، وهي سورة مكية، باتفاق أهل العلم، نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في أول البعثة مع سورة المدثر، فما معنى المزمل؟ هل هو اسم من أسماء النبي عليه الصلاة والسلام؟ نقول أيها الإخوة الكرام: توسع قوم في أسماء نبينا عليه الصلاة والسلام، وأسماؤه توقيفية، تتوقف على النص والدليل، وهو القائل: (اسمي محمد وأحمد، والم

<<  <  ج: ص:  >  >>