للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (فتبارك الله أحسن الخالقين)]

السؤال

قال تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون:١٤]، ما تفسير هذه الآية؟ هل الخلق ينسب لغير الله؟

الجواب

نعم.

الخلق يمكن أن ينسب إلى غير الله؛ لأن العلة أن الله هو أحسن الخالقين، مثال ذلك: قولك: أنا الذي خلقت البئر.

ما معنى خلقتها؟ فطرتها حفرتها، لكن هل خلقك إيجاد؟ ليس هذا المقصود، فالله عز وجل وحده يخلق من عدم سبحانه وتعالى، فحينما يخلق الناس الآن شيئاً فهم يخلقونه من موجود وليس من عدم، لذلك يقول الله: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ} [الحج:٧٣]، كذلك قال عيسى ابن مريم: {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ} [آل عمران:٤٩]، فعيسى قال: إني أخلق، فنسب لنفسه الخلق، لكن هل هو يخلق من لا شيء أم من شيء؟ إنما يخلق من الطين، والذي يخلق من العدم هو الله تعالى وحده: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون:١٤]، فلا تلبيس في هذه الآية مطلقاً.

وهذا يسمى عند العلماء اشتراك صفة، واشتراك الصفة لا يعني التماثل، فلله يد ولك يد، فهل يد الله كيدك؟ سبحان الله العظيم! هذا اشتراك صفة، والله وصف نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه غفور رحيم، ووصف نفسه بأنه غفور رحيم، ووصف الإنسان بأنه سميع بصير وهو كذلك السميع البصير، {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [الإنسان:٢]، فهناك صفات مشتركة، لكن لا يمكن بحال أن نسوي بين صفة الخالق وصفة المخلوق.

وأقرِّب لك المعنى فأقول: الباب له يد، والبعير له يد، والإناء له يد، والكوب له يد، وأنت لك يد، فهل هذه الأيادي كلها متشابهة؟ لا.

إذاًَ: كلمة اليد تحتمل أكثر من معنى عند الدواب وعند المخلوقات، فلا يعني الاشتراك في اللفظ الاتفاق في الصفة.

والحقيقة أني كنت لا أريد أن أجيب على هذا السؤال؛ لأن الكثير يشغلون أنفسهم به، والأولى لهم ترك مثل هذا، ولا سيما طالب العلم؛ فإنه يبدأ بدراسة كتب العلم والأصول، ولا يشغل نفسه بهذه الأشياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>