للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أمثلة لتعبير الرؤى]

جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: يا إمام! إني رأيت القمر والشمس يقتتلان.

قال: مع أي الفريقين كنت؟ قال: كنت مع القمر، فعلم عمر أن أجل الرجل قد اقترب وأنه سيموت، واستدل بقول الله عز وجل: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء:١٢]، فهذا يدل على أن الرجل سيختفي من الحياة كالقمر حينما يختفي من السماء في الليل، فـ عمر رضي الله عنه علم هذا المعنى من القرآن.

وهكذا بعض علماء السلف يربطون بين الرؤيا والقرآن والسنة، وهذا هو المهم.

النبي عليه الصلاة والسلام كان بعد كل صلاة يقبل بوجهه على الناس، ولذلك من فقه الإمام بعد الصلاة أن يستدير بوجهه ولا يجلس في مكانه، حتى يعلم الداخل أن الصلاة قد انقضت.

هذه واحدة.

الثانية: حتى ينظر في أمر المصلين، يا فلان أعد الصلاة.

يا فلان أدركت الركوع.

هذا من عمل الإمام.

كان يقبل بوجهه على أصحابه صلى الله عليه وسلم، لكنه بعد الفجر في الغالب يسألهم [(من رأى منكم الليلة رؤيا؟)]، لماذا يسألهم في الفجر؟ لأن الفجر يكون ذهن الرائي صافياً لم يختلط بأعمال اليوم، ويكون ذهن المعبر صافياً، ولا ينبغي أن تقص رؤياك إلا على أهل الإيمان والطاعة، قال تعالى: {قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يوسف:٥].

قوله: (لا تقصص)، هذا تحذير من يعقوب عليه السلام ليوسف ألا يقصص رؤياه على إخوته، ومن هنا استنبط العلماء أن الرؤيا لا تقصص إلا على أهل الإيمان، ومن يحب لك الخير، فكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول لأصحابه: (من رأى منكم الليلة رؤيا؟)، حتى تمنى عبد الله بن عمر أن يرى رؤيا، حتى ينال شرف قصها على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رأى رؤيا لكنها لم تأت على حسب ما تمنى، رأى ابن عمر: أنه في منامه أتاه ملكان وأخذاه من منامه، وطارا به حتى وصلا إلى حافة جهنم، يقول: فنظرت إليها ففزعت.

فقالا: لا تخف أنت لست من أهلها، وبها أناس أعرفهم، ثم عادا بي إلى فراشي.

هذه رؤية يقول: فاستحييت أن أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرت بها حفصة زوجة النبي عليه الصلاة والسلام حتى تقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقصتها عليه فقال: (نعم العبد عبد الله بن عمر لو كان يقوم الليل)، يعني: هذه رؤيا تحذيرية؛ لأن ابن عمر كان لا يواظب على قيام الليل، فجاءت هذه الرؤية تحذره، يقول ابن عمر: فما تركت قيام الليل بعدها.

وهذا معناه: أن الرؤيا تأتي أحياناً لتنشط صاحبها.

<<  <  ج: ص:  >  >>